الجماعة ، أو له ولسائر الموحدين ، فأدرج عبادته في تضاعيف عبادتهم ، وخلط حاجته بحاجتهم لعلها تقبل ببركتها ويجاب إليها ، ولهذا شرعت الجماعة. وكرر الضمير للتنصيص على أنه المستعان لا غير.
وأطلقت الاستعانة ليتناول كل مستعان فيه. والأحسن أن يراد الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادة ، لتلاؤم الكلام وأخذ بعضه بحجزة بعض ، فيكون قوله :
( اهدنا ) بيانا للمطلوب من المعونة ، كأنه قيل : كيف أعينكم؟ فقالوا : ( اهدنا الصراط المستقيم ). وعلى الأول يكون هذا إفرادا لما هو المقصود الأعظم.
والهداية دلالة بلطف ، ولذلك يستعمل في الخير ، وقوله تعالى : ( فاهدوهم إلى صراط الجحيم ) (1) على التهكم والاستهزاء. وأصلها أن يتعدى باللام أو ب «إلى» ، كقوله : ( يهدي للتي هي أقوم ) (2) ( وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ) (3) فعومل معاملة اختار في قوله : ( واختار موسى قومه سبعين ) (4).
والسراط بالسين الجادة ، من : سرط الشيء إذا ابتلعه ، لأنه يسترط المارة إذا سلكوه ، وبالصاد من قلب السين صادا لأجل الطاء ، وهي اللغة الفصحى. وقرأ قنبل عن ابن كثير ورويس عن يعقوب بالسين ، وحمزة بالإشمام ، والباقون بالصاد.
والصراط المستقيم هو الدين الحق الذي لا يقبل الله عن العباد غيره. وإنما سمي الدين صراطا لأنه يؤدي لمن يسلكه إلى الجنة ، كما أن الصراط يؤدي لمن يسلكه إلى مقصده. والمعنى المراد من ( اهدنا ): زدنا هدى بمنح الألطاف ، كقوله تعالى : ( والذين اهتدوا زادهم هدى ) (5). ورووا عن أمير المؤمنين أن معناه : ثبتنا.
পৃষ্ঠা ৩০