( بسم الله الرحمن الرحيم )، فإنها تسعة عشر حرفا ، ليجعل الله كل حرف جنة من واحد منهم.
واعلم أن تخصيص تسميته سبحانه بهذه الأسماء دون سائر صفاته الاخرى ليعلم أن المستحق لأن يستعان به في مجامع الأمور هو المعبود الحقيقي الذي هو مولى النعم كلها ؛ عاجلها وآجلها ، جليلها وحقيرها ، فيتوجه بالتوجه التام إلى جناب القدس ، ويتمسك بحبل التوفيق ، ويشغل سره بذكره ، والاستمداد به عن غيره ، ويتشوق بأن يحمد المنعم الحقيقي الذي أعطى جميع نعم العاجلة والآجلة ، ويقول :
( الحمد لله ) الحمد هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري من نعمة وغيرها. والتعريف فيه للجنس ، ومعناه الاشارة إلى ما يعرفه كل أحد من أن الحمد ما هو. وقيل : للاستغراق ، إذ الحمد في الحقيقة كله له ، إذ ما من خير إلا هو موليه بوسط أو بغير وسط. وفيه إشعار بأنه تعالى قادر حي مريد عالم ، إذ الحمد لا يستحقه إلا من كان هذا شأنه .
والمدح هو الثناء على الجميل مطلقا ، تقول : حمدت زيدا على علمه وكرمه ، ولا تقول : حمدته على حسنه ، بل مدحته. وقيل : هما أخوان.
وأما الشكر فعلى النعمة خاصة ، قولا وعملا واعتقادا. فالحمد باعتبار المورد أخص من الشكر ، وباعتبار المتعلق أعم.
ولما كان الحمد أشيع للنعمة وأدل عليها ، لخفاء الاعتقاد ، جعل رأس الشكر والعمدة فيه ، كما قال صلى الله عليه وآلهوسلم : الحمد رأس الشكر. فالمعنى في كونه رأس الشكر : أن الذكر باللسان أجلى وأوضح وأدل على مكان النعمة ، وأشيع للثناء على موليها من الاعتقاد وعمل الجوارح. ونقيض الحمد الذم ، ونقيض الشكر الكفران.
وإنما عدل ب ( الحمد ) عن النصب الذي هو الأصل في كلامهم ، على أنه من
পৃষ্ঠা ২৫