জুবদাত বায়ান
زبدة البيان
তদারক
تحقيق وتعليق : محمد الباقر البهبودي
ذلك من العقل، وبالجملة الآية تدل على أن الذي يريد لغيره الخير ولا يريده لنفسه لا يعقل، ففيها توبيخ عظيم لمن يفعل ذلك، فهي تدل على كون النفس مذمومة بذلك عقلا، ففيها دلالة على كون القبح عقليا ولا يدفعه " وأنتم تتلون الكتاب " كما قاله التفتازاني في حاشية الكشاف فافهم.
وليس المراد عدم جواز أمر الناس بالطاعات مع ارتكابه المعاصي كما يتوهم إذ العدالة لا يشترط في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما هو الأصل و المشهور ومقتضى الدليل، وعدم اشتراط كون الواعظ متعظا لأن الأمر بالمعروف واجب (1) وفعله واجب آخر، ولا يستلزم ترك الثاني سقوط الأول، وهو ظاهر، بل المراد إظهار قبحه وكونه أفحش وأظهر قبحا عند العقل لا زيادة عقابه، نعم يمكن كون وعظ المتعظ أدخل، فحينئذ يجوز لتارك الصلاة أمر غيره بها، ولهذه المناسبة أيضا ذكرناها هنا، وبالجملة تفهم من ظاهر الآية الحظر والتهديد العظيم، على من ترك نفسه مع أمر غيره كما يدل عليه قوله تعالى " لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " (2) إن حمل على الأعم، لا على خلاف الوعد فقط فيدل على وجوب الوفاء بالوعد.
" واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين " (3) الاستعانة طلب العون والمعاونة، والصبر منع النفس عن محابها وكفها عن هواها، والمعنى إيجاب الجمع بين الصلاة والصبر، وجعل ذلك معينا لقضاء الحوائج بأن تصلوا صابرين على تكليف الصلاة، متحملين لمشاقها، وما يجب فيها من إخلاص القلب وصدق النيات ودفع الوساوس، ومراعاة الآداب، والاحتراس عن المكاره مع الخشية والخشوع، واستحضار أنه انتصاب بين يدي جبار الأرض والسماوات فإنه إذا فعل ذلك تقضي الحوائج فهي معينة لقضائها وقد وردت الصلاة للحاجة فيحتمل إياها ويحتمل أن يكون المراد بالصبر الصوم فإن الصائم يصبر نفسه على
পৃষ্ঠা ১২৮