باب القول في التوحيد
إن قيل: ما أول ما أوجب الله عليك؟
قلت: النظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى؛ لأن معرفته واجبة، وهي لا تحصل إلا بالنظر والاستدلال.
فإن قيل: ما الدليل على أن للعالم صانعا حتى يوجب معرفته أو لا يوجبها؟.
قلت: لأن هذه الأجسام محدثة، والمحدث لا بد له من محدث.
فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى قادر؟
قلت: لأن الفعل قد صح منه، والفعل لا يصح إلا من قادر.
فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى عالم؟
قلت: لأن الفعل المحكم قد صح منه، والفعل المحكم لا يصح إلا من عالم.
فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى حي؟
قلت: لأنه قادر عالم، والقادر العالم لا يكون إلا حيا.
فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى سميع بصير؟
قلت: لأنه تعالى حي لا آفة به، ومن كان حيا لا آفة به فهو سميع بصير.
فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى قديم؟
قلت: لأنه لو لم يكن قديما لكان محدثا، ولو كان محدثا لاحتاج إلى محدث، والكلام في محدثه كالكلام فيه، فإن احتاج إلى محدث آخر أدى إلى الانقياد بما لا نهاية له، وذلك محال، وقد ثبت أنه تعالى قديم.
فإن قيل: ما الدليل على أن الله تعالى يستحق هذه الصفات لذاته من دون مؤثر من فاعل أو علة؟
قلت: لأن الفاعل سواه لا يخلو: إما أن يكون قديما أو محدثا، ولا يجوز أن يكون قديما؛ لأنه لا قديم سواه تعالى على ما يأتي بيانه، ولا يجوز أن يكون محدثا؛ لأن القديم سبحانه متقدم عليه، ومن حق المؤثر أن يتقدم على ما هو مؤثر فيه.باب القول في التوحيد ¶ إن قيل: ما أول ما أوجب الله عليك؟ ¶ قلت: النظر المؤدي إلى معرفة الله تعالى؛ لأن معرفته واجبة، وهي لا تحصل إلا بالنظر والاستدلال. ¶ فإن قيل: ما الدليل على أن للعالم صانعا حتى يوجب معرفته أو لا يوجبها؟. ¶ قلت: لأن هذه الأجسام محدثة، والمحدث لا بد له من محدث. ¶ فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى قادر؟ ¶ قلت: لأن الفعل قد صح منه، والفعل لا يصح إلا من قادر. ¶ فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى عالم؟ ¶ قلت: لأن الفعل المحكم قد صح منه، والفعل المحكم لا يصح إلا من عالم. ¶ فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى حي؟ ¶ قلت: لأنه قادر عالم، والقادر العالم لا يكون إلا حيا. ¶ فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى سميع بصير؟ ¶ قلت: لأنه تعالى حي لا آفة به، ومن كان حيا لا آفة به فهو سميع بصير. ¶ فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى قديم؟ ¶ قلت: لأنه لو لم يكن قديما لكان محدثا، ولو كان محدثا لاحتاج إلى محدث، والكلام في محدثه كالكلام فيه، فإن احتاج إلى محدث آخر أدى إلى الانقياد بما لا نهاية له، وذلك محال، وقد ثبت أنه تعالى قديم. ¶ فإن قيل: ما الدليل على أن الله تعالى يستحق هذه الصفات لذاته من دون مؤثر من فاعل أو علة؟ ¶ قلت: لأن الفاعل سواه لا يخلو: إما أن يكون قديما أو محدثا، ولا يجوز أن يكون قديما؛ لأنه لا قديم سواه تعالى على ما يأتي بيانه، ولا يجوز أن يكون محدثا؛ لأن القديم سبحانه متقدم عليه، ومن حق المؤثر أن يتقدم على ما هو مؤثر فيه.
أو موجودة، والموجودة لا تخلو: إما أن تكون قديمة أو محدثة، لا يجوز أن يستحقها لعلة معدومة؛ لأنها معه ومعنا على سواء، فلو أوجبت له لأوجبت لنا، ومعلوم خلافه، ولا يجوز أن يستحق هذه الصفات لعلة قديمة؛ لأنه لا قديم سواه على ما يأتي بيانه، ولا يجوز أن يستحقها لعلة محدثة؛ لأن من حق العلة أن تتقدم على معلولها، فلو تقدمت عليه نقضت كونه قديما، وقد ثبت قدمه، ولو تقدم عليها نقض كونها علة ، فبقى أنه استحقها لذاته.
فإن قيل: ما الدليل على أن الله تعالى لا يشبه الأشياء؟
قلت: لأنه لو أشبهها لجاز عليه ما جاز عليها من التغيير والزوال، والانتقال من حال إلى حال، وذلك أمارات الحدوث، وقد ثبت أنه تعالى قديم.
فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى لا يرى بالأبصار؟
قلت: لأنه لو صحت رؤيته في حال من الأحوال لرأيناه الآن؛ لأن الحواس سليمة، والموانع مرتفعة، وهو تعالى موجود، فلما لم ير مع ذلك علمنا أنه لا يرى بالأبصار في الدنيا والآخرة.
فإن قيل: ما الدليل على أنه تعالى واحد لا ثاني له في القدم والإلهية؟
قلت: لأنه لو كان معه إله ثاني أدى إلى التمانع بينهما، ولأوجد أحدهما ما يكره الآخر، وذلك يدل على عجزهما، وقد ثبت كون الباري تعالى قادر.
পৃষ্ঠা ২