...وقد سمعت فيما سبق أن أفضل التابعين من أهل بيته صلى الله عليه وسلم علي بن الحسين نهى ذلك الرجل أن يتحرى الدعاء عند قبره عليه الصلاة والسلام واستدل بالحديث الذي رواه وسمعه من أبيه الحسين عن جده علي وهو أعلم بمعناه من هؤلاء الطاغين ، وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن شيخ أله بيته كره أن يقصد الرجل القبر إذا لم يكن يريد المسجد ، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدا .
...قال ابن القيم نقلا عن شيخه : فانظر إلى هذه السنة كيف مخرجها من أهل المدينة وأهل البيت الذين لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قرب النسب وقرب الدار ، لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم ، وكانوا له أضبط .
...ثم في اتخاذ القبور عيدا من المفاسد العظيمة التي لا يعلمها إلا الله تعالى ما يغضب لأجله كل من كان في قلبه وقار لله تعالى ، وغيرة على التوحيد وتقبيح للشرك وتهجين للكفر والبدع ، ولكن ( ما لجرح ميت بإيلام ) .
...فمن مفاسد اتخاذها عيدا أن غلاة متخذيها عيدا إذا رأوها من موضع بعيد ينزلون من الدواب ويضعون الجباه على الأرض ويقبلون ويكشفون الرؤوس وينادون من مكان بعيد ويستغيثون بمن لا يبديء ولا يعيد ويرفعون الأصوات بالضجيج ويرون أنهم قد ازدادوا في الربح على الحجيج حتى إذا وصلوا إليها يصلون عندها ركعتين ويرون أنهم قد أحرزوا من الأجر أجر من صلى إلى القبلتين فتراهم حول القبور سجدا يبتغون فضلا من الميت ورضوانا وقد ملؤوا اكفهم خيبة وخسرانا فلغير الله تعالى ، بل للشيطان ما يراق هناك من العبرات ويرتفع من الأصوات ويطلب من الميت من الحاجات ويسأل من تفريج الكربات وإغناء ذوي الفاقات ومعافاة أولي العاهات والبليات .
পৃষ্ঠা ১৩