============================================================
المعجم والاشتقاق قلنا إن كتاب "الزينة" ينتمي إلى طور النشاط اللغوي، السابق على طور النشاط الدعوي في حياة أبي حاتم الرازي. ونحن لا نستطيع أن نفهم مشروع الرازي اللغوي في "الزينة" حق الفهم ما لم نضع في اعتبارنا مجمل الصورة عن مناهج الدراسة اللغوية التي كانت سائدة في عصره.ا على مستوى الإنتاج المعجمي، كان يتوفر تحت يد أبي حاتم عدذ من المعاجم، من الضروري البحث في كيفية تناولها للمفردات اللغوية. والواقع أن المعاجم التي عاد إليها كانث تنتظم في طرق مختلفة، بعضها استنادا إلى معايير صوتية، أو صرفية، أو دلالية.
في البداية، هناك معجم "العين" للفراهيدي، وهو أول معجم عربي. وقد صنف الفراهيدي معجمه استنادا إلى معايير صوتية . فقد كان يريد إحصاء المفردات العربية، المستعملة والمهملة، لذلك بدأ من أبعد الأصوات مخرجا، وهو حرف العين الحلقي، ثم استمر فيها من الأقرب فالأقرب بإجراء التقليبات عليها . ولذلك اعتمد الفراهيدي التصنيف الصوتي في كتابة معجمه، ولكن لا على أساس الترتيب الألفبائي كما هو الحال في المعاجم الحديثة، بل على أساس مخارج الألفاظ .ا ويمكن إدراج معاجم "التقفية" ، مثل معجم ابن قتيبة المفقود ومعجم اليمان ال البندنيجي، ضمن المعاجم الصوتية أيضا، ما دامت تعتمد الحرف الأخير أساسا التصنيف.
والنوع الثاني من التصنيف هو التصنيف الدلالي. فقد كتب اللغويون العرب الأوائل مادة موسعة حول حقول دلالية معينة، مثل الإبل والشجر والمطر والشاء وخلق الإنسان وغيرها من الموضوعات التي تتناول مادة دلالية واحدة تلتزم بها .
وقد ارتأى أبو عبيد أن يصنف معجما كاملا في المفردات الغريبة، وهو كتابه الغريب المصنف"، الذي رتبه على أساس جمع مفردات مختلفة تستعمل ضمن هذه الحقول الدلالية المختلفة. ويصح القول إن هذا هو المنهج الذي اتبعه ابن السكيت في معجمه "الألفاظ" أيضا . فهذان اللغويان صنفا المادة اللغوية لمعجميهما استنادا إلى الحقول الدلالية، وليس إلى المادة الصوتية.
পৃষ্ঠা ৫৫