============================================================
قصره. وحين أغلق قادة الجيش الباب عليهم لإحكام الخطة وتنفيذها، شعر أحدهم بخطورة الأمر، وخرج متسللا من سطح القصر لإخبار الأمير نوح بن نصر بما يجري. أسرع هذا في الحال إلى أبيه، واتفقا على استدراج قائد الجيش وإخراجه من الوليمة بإرسال شخص يهمس في أذنه بأن يحضر أمام الأمير، لأن هناك كراسي مرصعة بالذهب تليق بالوليمة، وينبغي أن يأتي بنفسه لأخذها. وقدا نجحت حيلة استدراج القائد الأعلى إلى قصر الأمير، وما كاد يدخل القصر، حتى أطاح الحرس برأسه، ووضعوه في مخلاة. وذهب الأمير وابنه مع الحرس للقاء قادة الجيش في القصر الذي حبكت فيه مؤامرة الوليمة .
كان هذا الانقلاب العسكري من الضخامة والخطورة بحيث تطلب حلا استثنائيا تماما . لم يكن الجيش يعلم أن الأمير نصر يعاني من داء السل، وأن الموت يتهدده في كل لحظة. ولهذا ما إن دخل نصر وابنه إلى وليمة المتآمرين حتى صارحهم بمعرفته بحقيقة المؤامرة، لكنه صب جام لومه على القائد الأعلى القتيل، الذي أخرج لهم رأسه المقطوع من المخلاة، وجعله الملوم الوحيد عليها. تنازل عن العرش لابنه نوح، واعترف بخطأه في تقريب الإسماعيلية . وكان أول عمل مارسه نوح هو المراءاة بتقييد أبيه. وضع القيود في يديه ورجليه، وأعلن أنه سيعاقبه بسجنه في إحدى القلاع. ووهب لهم كل ما كانوا يخططون لنهبه من االأموال، وبدلا من الذهاب لمحاربة الترك، دعاهم قبل ذلك إلى محاربة القرامطة، والاستيلاء على ثرواتهم. يقول نظام الملك: ل"قضى رجال نوح سبعة أيام بلياليها يطوفون في بخارى ونواحيها، يقتلون الباطنية وينهبون ثرواتهم، بحيث لم يبق منهم أحد في خراسان وما وراء النهر سوى أولئك الذين لم يجرأوا على المجاهرة باعتناقهم الباطنية. وقضي على هذا المذهب في خراسان"(1) .
ب قي نصر يعاني من السل ثلاثة عشر شهرا . بنى له بيتا في قصره، أطلق عليه اسم ل"بيت العبادة" . فكان يلبس الثياب النظيفة، ويمشي إليه حافيا، ويصلي فيه ويدعو ويتضرع، ويجتنب المنكرات والآثام إلى أن مات سنة 331(2) . ولا يبدو (1) أورد نظام الملك تفاصيل المؤامرة الدقيقة في سياست نامة ص 255- 258 .
(2) الكامل لابن الأثير 238/9 .
পৃষ্ঠা ৪৭