============================================================
ومن هؤلاء أبو حاتم الرازي، الذي يستشهد بعدد من التصوص حول أسماء الله مقتبسة في الأرجح من كتاب "المحصول" للنسفي، دون ذكره بالاسم، بل بالاكتفاء بالتلميح إليه تحت عنوان "الحكيم" . وهذه النصوص إن لم تكن من النسخة البغدادية الأولى من "الزينة"، فإنها أدخلت عليها في وقت مبكر في الري.
على أن هذه المساهمة العظيمة في خلق المنظومة الإسماعيلية الفلسفية لم كن وحدها، بل رافقتها وترتبت عليها في الوقت نفسه قراءة خاصة في "أدوار الحقب النبوية" الإسماعيلية، ترى أن محمد بن إسماعيل هو "القائم" ، الذي ينبغي أن تكتمل معه شرائع الأنبياء السبع، وبالتالي فهو "الناطق" السابع، الذي يقوم ب سخ الشرائع قبله، بما فيها الشريعة الإسلامية، كما رأينا. وهنا بالطبع تكف ال الإسماعيلية عن أن تكون مذهبا إسلاميا، لتصبح دينا خاصا مستقلا . وهذا الشق الثاني بالتحديد هو الذي جعل دعاة النسخة المعيارية من الإسماعيلية يستنكرون هذا الموقف استنكارا مطلقا، ويعلنون رفضهم القطعي له . وقد انعكس هذا الرفض في كتاب "الإصلاح" لأبي حاتم الرازي، الذي يبدو أنه من نتاج نشاطه الدعوي في الحقبة الدعوية الأخيرة من حياته .
وكما في قصة "موضوعة الخائن البطل" الشهيرة لبورخيس، فقد انقسم ال الإسماعيليون في موقفهم من النسفي، فهو من جهة مؤسس المنظومة الفلسفية ال لدعوة، ومن جهة أخرى هو من هدد بتحويل الدعوة إلى ديانة جديدة، تريد أن نسخ الإسلام وتقوم على أنقاضه. ويمكننا هنا أن نتحدث عن حلقتين ظهرتا من ال الإسماعيلية في مطلع القرن الرابع، ربما بعد إطلاق النسفي لكتابه "المحصول" بعقد من السنين، الأولى حلقة النسفي نفسه، التي كانت تضم السجستاني وأبا تمام النيسابوري، وغيرهما، والثانية هي حلقة أبي حاتم الرازي، التي تمثل دعاة الصيغة المعتدلة من الإسماعيلية، وهي الصيغة التي ستتبناها الدولة الفاطمية فيما بعد، لتصير الصيغة المعيارية.
ومن المحتمل أن أعمال النسفي ومؤلفاته بقيت قيد الاستعمال والتداول حتى بعد استقرار الصيغة المعيارية في زمن الكرماني . لكنها صارت تستدعي اهتمام رعاة النسخة المعيارية، وشيئا فشيئا أخذت هذه الأعمال بالتناقص، حتى اختفت
পৃষ্ঠা ৪৪