قال: «انتظري!» وهتف قائلا: «أوه لا!» ووثب خارجا من السيارة تاركا بابها مفتوحا. «الكلاب». كم مضى من الزمن عليها؟ وجرى عبر الشارع، ثم بحذاء المربع السكني، وصدره يعلو ويهبط. «الكلاب! الكلاب!»
وقرع البابين الأماميين للمنزلين اللذين كان يطعم الكلاب فيهما، فلم يجبه أحد، ونظر من خلال شبابيك الدور الأول، فلم يجد أحدا ... لم يكن أصحاب المنزلين قد عادوا.
وعاد زيتون إلى الشجرة، كان لوح الخشب لا يزال حيث وضعه، فجعله يستند إلى جذع الشجرة، ومد اللوح إلى داخل المنزل، إلى يمين الشجرة وسار على السطح. كان عادة ما يسمع نباح الكلاب مرحبة به في هذه اللحظة، لكنه اليوم لم يسمع شيئا.
وقال في نفسه: «يا رب! يا رب! يا رب!»
ورفع النافذة ودخل منها، وداهمت رائحة العفن أنفه فورا؛ فعرف أن الكلاب قد نفقت قبل أن يراها، وشاهد الكلبين معا في إحدى غرف النوم.
غادر السطح وعاد إلى الشجرة وعدل من وضع لوح الخشب حتى يصل إلى المنزل الثاني. كان الكلبان تحت شراعة النافذة مباشرة، كتلة من الأطراف المختلطة، ورأساهما متوجهان إلى السماء، كأنما ظلا ينتظرانه أسابيع متوالية.
وبعد أسبوعين كان زيتون وكاثي لا يزالان في الشقة الاستوديو، وكان الأطفال قد تجهزوا للعودة إلى نيو أورلينز. كان زيتون متوترا، وسأل كاثي: «هل أبدو كما كنت؟» كان يخشى أن يخيفهم بعد أن فقد ما فقد من وزنه وشعره. ولم تعرف كاثي ماذا تقول. لم يكن يبدو كما كان، أو لم يعد إلى الآن إلى ما كان عليه، ولكن الأطفال لا بد لهم من مقابلة أبيهم. وهكذا ركب زيتون الطائرة مع كاثي إلى مدينة فينيكس. ووسط موجات البكاء والأحضان المتلاحقة، التأم شمل أسرة زيتون. وعاد الجميع بالسيارة إلى نيو أورلينز، واستقروا في الشقة الاستوديو بشارع تيتا، وعلى مدى شهر كامل كانوا ينامون معا مفترشين الأرض.
وذات يوم فتحت كاثي خطابا من الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ التي كانت تعرض على أسرة زيتون مقطورة مجانية، وحدة متنقلة تتكون من غرفتي نوم، على أن تسلم إليهم إذا رغبوا في ذلك.
وملأت كاثي الاستمارات الصحيحة وأعادتها بالبريد، ولو تكن تتوقع الكثير مما فعلته، ولهذا فوجئت ذات يوم من أيام ديسمبر عام 2005 عندما توقفت أمام شقتهما سيارة ضخمة ذات ثماني عشرة عجلة، ومن ورائها مقطورة ذات لون أبيض ساطع.
كان زيتون يقوم بجولاته فلم ير العمال وهم يقيمونها، فأصابته الحيرة عندما شاهدها. لم تكن المقطورة ذات وصلات بأنابيب المياه الجارية أو بالكهرباء، كما أنها أقيمت فوق مصطبة مزعزعة من الطوب الأسمنتي لا يقل ارتفاعها عن 120سم فوق سطح الأرض، ولم تكن أمام الباب درجات يصعد عليها من يريد الدخول، وكان السبيل الوحيد إلى دخولها - بسبب ارتفاعها الشديد - هو الصعود على سلم، بل إنك إن وصلت إلى الباب فلن تستطيع دخول المقطورة؛ لأن الرجال الذين جاءوا بها لم يتركوا مفاتيح لها.
অজানা পৃষ্ঠা