208

عندما عادا من سجن هنت أقاما يومين في شقة عدنان في باتون روج، وكانا يفترشان فيها الأرض، ثم انتقلا إلى الشقة الاستوديو في المبنى الذي يؤجرانه في شارع تيتا على الضفة الغربية من نيو أورلينز. لم يكن في الشقة أثاث ولكنها لم تصب بأضرار في العاصفة. وفي الليالي الأولى فيها، كانت كاثي تنام مع زيتون على الأرض، ملتحفين ببطانيات مستعارة، ولا يكادان يتكلمان. لم يكن يريد أن يتحدث عن السجن. لم يكن يريد أن يتحدث عن معسكر كلب السباحة. كان يشعر بالعار؛ العار لأن صلفه، إن صح أن ذلك كان صلفا، هو الذي تسبب في هذا كله، والعار لوضع يديه في القيود، وإرغامه على التعري، وحبسه في قفص ومعاملته معاملة الحيوان. كان يريد لهذا كله أن ينمحي من حياتهما.

وفي تلك الليلة، وفي ليال كثيرة تالية، كانا يفترشان الأرض متعانقين، شاعرين بالمرارة والامتنان والإحباط، دون أن يقولا أي شيء. •••

كانت كاثي تقدم له أكبر قدر من الطعام تستطيعه كل يوم. وفي اليوم التالي لإطلاق سراح زيتون، اصطحبته كاثي مع عدنان إلى المركز الطبي الإقليمي حيث فحصه الأطباء ولم يجدوا أنه أصيب بأي إصابة خطيرة، ولم يجدوا سببا للألم الحاد في جنبه، ولكن وزنه كان قد نقص بما يقرب من عشرة كيلوجرامات، وقالوا إنه لن يعود لوزنه الطبيعي قبل مرور عام كامل. كان قد فقد بعض شعر رأسه، وما بقي فيه خطه الشيب. كان خداه ممصوصين وعيناه قد فقدتا البريق، واستعاد سابق عهده ببطء، وزادت قوته، وتلاشى الألم في جنبه، وهو ما أقنع زيتون بأنه لم يكن ناجما عن شيء تظهره الأشعة السينية، بل عن اللوعة، عن الحزن. •••

وبعد الإفراج عن زيتون، أعارهما صديقهما والت سيارة من عند تاجر السيارات الفاخرة الذي يتعامل معه، وكانت من طراز ليكساس، واستقلتها كاثي مع زيتون في طريق العودة إلى المدينة، وإلى المنزل في شارع دارت.

كانت الرائحة نفاذة: كانت مزيجا من العفن، ومياه المجاري، والحيوانات الميتة. واضطرت كاثي إلى إنزال جزء من لفاعها إلى فمها لتصد تلك الرائحة، حاول زيتون شد السيفون في أحد المراحيض فإذا بالصرف الصحي يتدفق، كان المزيد من المياه قد وصل إلى الطابق الثاني، وبلل رفا كاملا من الكتب فأفسدها، وكذلك معظم الأجهزة الإلكترونية.

ولولا أن زيتون كان موجودا آنئذ لسد الفجوات كلما ظهرت إحداها، لكان مصير المنزل الدمار الكامل. وتطلع إلى الثغرات الناشئة في السقف وتنهد.

واستندت كاثي إلى الجدار القائم في البهو، لم تعد تحتمل. كان كل شيء يملكانه تعلوه القذارة، وهالها ما ترى، وقالت في نفسها: «وبعد أن نظفت هذا المنزل ألف مرة!»

وسألها: «أنت بخير؟»

وأومأت وقالت: «أريد أن أرحل. شاهدت ما يكفي!»

وأخذا الكمبيوتر وبعض ملابس الأطفال ووضعاها في السيارة، وأدار زيتون المحرك ثم توقف وأهرع عائدا إلى المنزل، وبحث عن صندوق الصور، وعاد به ووضعه في شنطة السيارة. وتراجع بالسيارة في مدخل السيارات، ثم حول اتجاهه إلى شارع دارت، ثم تذكر شيئا آخر.

অজানা পৃষ্ঠা