لم يكونا قد اقتربا كثيرا، لكنها اقتفت آثار زوجها وهو يصعد الصخر، حاملا صفية بإحدى يديه، ثم يهبط من حافة النتوء الوعر إلى القسم التالي من الشاطئ.
وقال عندما هبطا إلى الرمال المبللة: «أرأيت؟ لقد اقتربنا كثيرا!»
وواصلا المسير، بعد أن نقل صفية إلى كتفيه، وسارا ميلا آخر؛ وإذ بالشاطئ يعترضه نتوء صخري آخر، فصعدا فوقه أيضا، وعندما هبطا إلى الأرض المنبسطة لم تكن الصخرة عند الأفق تبدو أقرب مما كانت عند بداية السير، ولكن زيتون لم يقلق.
كانا قد قضيا ساعتين في هذه المسيرة عندما اعترض الشاطئ لسان أرضي أطول، وكان ضخما، أتاح للناس أن يقيموا فوقه المنازل والحوانيت. كان عليهما أن يصعدا درجا خلال طرق هذه البلدة الصغيرة، وأصرت كاثي على التوقف لشرب الماء أو تناول المثلجات، فشربت كفايتها، ولكنهما لم يتوقفا طويلا؛ إذ سرعان ما استأنف المسير، ولم يكن لديها خيار إلا أن تتبعه، وهرولا هابطين على الدرج إلى الجانب الآخر لمواصلة السير على الشاطئ، ولم يخفض زيتون من سرعته قط، ولم يكن يبدو أنه يتفصد عرقا.
قال: «لقد اقتربنا كثيرا!» مشيرا إلى الصخرة عند الأفق، وهي التي لم تكن تبدو أقرب مما كانت.
وقالت: «الواجب أن نعود، ما الغاية؟»
وقال: «لا لا يا كاثي! لا يمكن أن نرجع حتى نلمسها.» وكانت تعرف أنه سوف يصر على أن تفعل ما يفعل. كان دائما يريد مصاحبة أسرته له فيما ينشد.
لم يكن يبدو على زيتون أي من علامات الإرهاق، بل كان ينقل صفية من ذراع إلى ذراع، وقد غلبها النعاس، ويواصل السير.
كانا قد صارا لمدة أربع ساعات كاملة، وصعدا فمرا من خلال ثلاث بلدات بنيت على التلال ثم هبطا، وقطعا مسافة خمسة عشر ميلا على الشاطئ قبل اقترابهما أخيرا من الصخرة إلى الحد الذي يتيح لهما لمسها.
لم يكن منظرها باهرا، بل كانت مجرد جلمود صخري ناتئ في البحر. وعندما وصلا أخيرا إليها ضحكت كاثي، وضحك زيتون أيضا، وبرقت عينا كاثي ، وابتسم زيتون لها ابتسامة شقاوة طفولية، كان يعرف أن ما يفعلانه عبث.
অজানা পৃষ্ঠা