الزيدية
الطائفة والمذهب
تأليف
السيد علي بن عبدالكريم الفضيل
شرف الدين
1418 - 1419ه
أعده إلكترونيا / فريق العمل ب مجالس آل محمد (ع)
www.al-majalis.com
পৃষ্ঠা ১
مقدمة في تاريخ التمذهب ومعناه :-
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وارض اللهم عن صحابته الراشدين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
فقبل التعريف بالزيدية كمذهب من المذاهب الإسلامية ، تحسن الإشارة إلى أن التمذهب بالمعنى المعروف الأن في المذاهب الإسلامية الأربعة وغيرها لم يكن معروفا في عهد الصحابة رضوان الله عليهم ولا في عهد تابعيهم ، بل المشهور والمعروف عنهم أنه كان كل عالم منهم يعمل بما صح عنده من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله بالنص الصريح أو الظاهر أو غير ذلك من طرق الرواية وما يفهم من المتون المروية منطوقا أو مفهوما وغير ذلك من الدلالات المفهومة من النص . وكان إذا لم يجد العالم دليلا من الكتاب أو السنة التمسه في المروي من الإجماع ، فإذا لم يجد عدل إلى القياس كما كان يفعل معاذ بن جبل في اليمن لما أرسله الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم معلما وأميرا .
পৃষ্ঠা ২
واستمر الحال هكذا عند علماء المسلمين حتى بداية العصر العباسي حيث حاول الخليفة أبو العباس السفاح ثم أخوه أبو جعفر المنصور أن يحملا عالم المدينة الإمام مالك بن أنس الأصبحي المتوفى 179ه على تأليف كتاب جامع للسنة النبوية ليجتمع الناس عليه ، فلم يوافق الإمام مالك رحمه الله على فكرة حجر الناس على مؤلفه الذي عرف بالموطأ . ومات السفاح ثم المنصور قبل أن يظهر موطأ مالك الذي ظهر في سنة 159ه وكان الرشيد قد رأى أن يعلق الكتاب في الكعبة وأن يحمل المسلمين على مافيه إلا أن مالكا رحمه الله لم يقبل بهذا الرأي وقال للرشيد :إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله قد اختلفوا في الفروع وافترقوا في البلدان وكل عند نفسه مصيب [1]. وقد استمر العلماء أحرارا في أرائهم وفي أفكارهم يستقون العلم من ينابيع الكتاب والسنة حتى عهد المتوكل العباسي المتوفى سنة237ه فتقيدت في عهده أفكار العلماء ، ولم يسمح لها أن تستقي من ينابيع الكتاب والسنة إلا من مشرع واحد ، وبدأ حينئذ التراجع إلى الوراء في كل المجالات الفكرية وما تركز عليها اجتماعيا وسياسيا وغير ذلك [2]. ثم جاء الملك الظاهر بيبرس المملوكي وأصدر قانونا في سنة 663ه حدد فيه إطار القضاء في مصر وحصر القضاء في أربعة مختارين من علماء المذاهب الأربعة وهم : المالكية والشافعية والحنفية والحنبلية؛ ثم طبق هذا القانون في بلاد الشام بعد سيطرته عليها . وبذلك الإجراء سادت فكرة حصر المذاهب الإسلامية على المذاهب الأربعة [3].
وعليه فلم يكن حصر المذاهب الإسلامية على المذاهب الأربعة إلا في النصف الثاني من القرن السابع الهجري. وكان المذهب الزيدي مبعدا عن هذه المذاهب مع اشتهاره لدى العلماء منذ عهد الإمام زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام الذي استشهد سنة122ه. ولعل من أسباب تجاهل المنظم للنظام القضائي في مصر للمذهب الزيدي على عهد الظاهر بيبرس قلة أتباع المذهب في مصر خاصة، أو خوف صانع القرار حينذاك من التنويه به وهو الداعي إلى الثورة على الظالمين بالشروط المبينة في كتبهم، ودعوته كذلك إلى الإرادة والاختيار، وإلى العدل، والتوحيد، والشورى الملزمة للحاكم، وغير ذلك من المبادىء الإسلامية عقيدة وسلوكا والتي سنأتي على توضيحها بصورة مختصرة قدر ما أمكن.
الزيدية الطائفة:-
تطلق كلمة الزيدية على أئمة أهل البيت النبوي الشريف ومن تابعهم أو وافقهم في الاعتقاد: بعدل الله المطلق، وتوحيد الله في ذاته وصفاته دون تجسيم أو تشبيه أو تعطيل، والقول بإمامة الإمام زيد بن علي عليه السلام، ووجوب الخروج على الظلمة بالشروط المبينة في كتبهم، واستحقاق الإمامة بالفضل والطلب لا بالوراثة أو القوة ، وأفضلية الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وأولويته بالإمامة ، والقول بجواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل إذا كان ذلك لعذر [4]. أما ما عداها من الأمور فكل وما أدى إليه نظره.
পৃষ্ঠা ৩
لهذا فلا يخرجون عن الزيدية أحدا لما يعتقده مجتهدا في الفروع من الأحكام الشرعية إذ " كل مجتهد مصيب "، أما الجاهل فله الحق أن يقلد من يراه أهلا للتقليد.
تجدر الإشارة إلى أن النسبة إلى الإمام زيد رحمه الله لم تكن نسبة مذهبية كما يعتقد البعض من أن الزيدية مقلدين للإمام زيد رحمه الله كتقليد الشافعية للإمام الشافعي أو المالكية للإمام مالك رحمهم الله جميعا. والحقيقة أن النسبة للإمام زيد إنما هي نسبة اعتزاء لا مذهبية وذلك لما يلي:-
1- لأن المذهب الزيدي يحرم التقليد على كل متمكن من أخذ الحكم من كتاب الله وسنة رسوله ، ولا يبيحه إلا لغير المتمكن من الاجتهاد لقوله تعالى { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } .
2- لأن هذه النسبة لم يطلقها الإمام زيد على نفسه ولا على أتباعه ولا أطلقها أتباعه على أنفسهم في البداية ، وإنما أطلقها عليهم حكام بني أمية ، ثم بني العباس على أي ثائر عليهم من بعد الإمام زيد عليه السلام من أهل البيت النبوي الشريف . فالتسمية إذا تسمية سياسية في الأصل ولكن الزيدية الطائفة رضيت بهذه التسمية ، واعتبرتها شعار حرية وكرامة وجهاد وتضحية في سبيل الله والمستضعفين من عباده .
পৃষ্ঠা ৪
3- لأن الزيدية لا تعتقد بأن الإمام زيد أولى بالتقليد من غيره كالإمام جعفر الصادق مثلا ، ولا أنهما أولى بالتقليد من الإمام القاسم الرسي ، ولا أنهم جميعا أولى بالتقليد من أبائهم وأجدادهم . ولذلك فإنهم يتمسكون بما أجمع عليه أهل البيت النبوي الشريف للأحاديث الواردة في ذلك كحديث التمسك بالثقلين المروي في صحيح مسلم وغيره من الأحاديث الدالة على أن إجماع أهل البيت حجة ؛ وهو مذهب الكثير من العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية كما هو مذكور في فتاويه ج28،ص493 . أما في المسائل الفرعية فالعالم يعمل بما أدى إليه اجتهاده ، والمقلد المميز يعمل بمذهب إمامه الذي قلده ، أما الجاهل الصرف فمذهبه مذهب أهل جهته ، وفيما قد عمله معتقدا صحته ولم يخرق الإجماع فمذهبه مذهب من وافق من الأئمة المتبوعين . ومع كل هذا التيسير فلا تجيز الزيدية تتبع الرخص والرغبات .
لقد وصل المذهب الزيدي المعروف الأن في اليمن نظرا لحرية الفكر وفتح باب الاجتهاد ليكون خلاصة أبحاث عميقة ودراسات واسعة في كل مجالات الفقه الإسلامي العظيم ، واستمرت تلك الجهود المضنية في البحث والتنقيب والتصفية أكثر من سبعة قرون ، وقد قام بذلك أئمة أعلام أهل البيت النبوي الشريف ومن تابعهم من الفقهاء المجتهدين ، وهم في كل ذلك يعتمدون على المحكم من كتاب الله والصحيح من سنة رسول الله وعلى الإجماع والقياس وأحيانا على الاستصحاب والاستحسان والمناسبة المرسلة وهي التي تتفق مع المقاصد الشرعية فيما لايوجد له نص في الكتاب أو السنة إثباتا أو نفيا [5].
طبقات رجال المذهب الزيدي :- [6]
1- طبقة المؤسسين . وتساوي هذه الطبقة إمام المذهب في نظر
المذاهب الأخرى ، ومن هؤلاء :
الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المتوفى شهيدا سنة 122ه .
الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي المتوفى سنة 245ه .
الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي المتوفى سنة 298ه ؛ وهو المؤسس للمذهب وللدولة الزيدية في اليمن .
الإمام الناصر لدين الله الحسن الأطروش بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المتوفى سنة 304ه ؛ وهو المؤسس للمذهب وللدولة الزيدية في خراسان .
2- طبقة المخرجين . وهم الذين استخرجوا من كلام الأئمة أو
احتجاجاتهم أحكاما لا تتعارض مع الأدلة الشرعية ؛ ومن هؤلاء :
পৃষ্ঠা ৫
العلامة محمد بن منصور المرادي المتوفى في سنةمائتي ونيف وتسعين للهجرة .
العلامة أبو العباس أحمد بن إبراهيم المتوفى سنة 353ه .
العلامة الإمام المؤيد بالله أحمد بن الحسين بن هارون الحسني المتوفى سنة 416ه .
العلامة أبوطالب يحيى بن الحسين بن هارون الحسني المتوفى سنة 424ه .
العلامة علي بن بلال الأملي مولى الإمامين المؤيد بالله وأبو طالب .
3- طبقة المحصلين . وهم الذين اهتموا بتحصيل أقوال الأئمة وما
استخرج منها ونقلوها إلى تلامذتهم بطريق الرواية أو المناولة لمؤلفاتهم ؛ ومن رجال هذه الطبقة .
القاضي زيد بن محمد الكلاري الجيلي الملقب بحافظ أقوال العترة وهو من أتباع الإمام المؤيد بالله السالف الذكر .
العلامة السيد علي بن العباس بن إبراهيم الملقب براوي إجماعات أهل البيت المتوفى سنة 430ه .
العلامة القاضي جعفر بن أحمد بن عبدالسلام البهلولي المتوفى سنة 573ه .
العلامة القاضي الحسن بن محمد الرصاص المتوفى سنة 584ه .
العلامة الإمام عبدالله بن حمزة المتوفى سنة 614ه .
4- طبقة المذاكرين . وهم الذين راجعوا أقوال من تقدمهم وفحصوها
سندا ومتنا وعرضوها على أصول المذهب وقواعده المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله فأقروا ما توافق معها واعتبروها المذهب ، وما لم يوافقها في رأيهم لم يعتبروها مذهبا للفرقة الزيدية ، وكان في نظرهم رأيا خاصا بصاحبه غير معاب عليه لإعتبار أن كل مجتهد مصيب ؛ ومن هؤلاء :
القاضي العلامة عبدالله بن زيد العنسي المتوفى سنة 667ه .
القاضي العلامة محمد بن سليمان بن أبي الرجال العمري نسبا الصعدي موطنا والمتوفى سنة 730ه .
পৃষ্ঠা ৬
القاضي العلامة محمد بن يحيى حنش المتوفى سنة 717ه .
العلامة الإمام يحيى بن حمزة المتوفى سنة 749ه .
القاضي العلامة يوسف بن أحمد بن عثمان الثلائي المتوفى سنة 832ه
العلامة الإمام أحمد بن يحيى بن المرتضى المتوفى سنة 840ه .
ومعظم رجال طبقات المذهب الزيدي من العلماء المجتهدين ، ولذلك فلا يصدق عليهم بأنهم في مستوى طبقة مجتهدي المذهب ، لأن هذه الطبقة لاتظهر دائما إلا بين رجال المذاهب التي لاتؤمن بوجوب الاجتهاد على العالم المتمكن منه ، ويمكن أن يكون هؤلاء في درجة المجتهد المنتسب ، أما الأكثر فهم في درجة المجتهد المطلق .
قواعد المذهب الزيدي :- [7]
من المعلوم أن تلك البحوث والدراسات التي قام بها أئمة الزيدية ومن إليهم من المجتهدين في كل مجالات الفقه الإسلامي قد اعتمدت على قواعد وأصول استمدها الأئمة ومن إليهم من المجتهدين من الأدلة الشرعية المبينة لمقاصد الشرع الشريف في كل أحكامه وقوانينة . وقد قام بجمع هذه القواعد السيد العلامة أحمد بن محمد الشرفي المتوفى سنة 1055ه تلميذ الإمام القاسم بن محمد وشارح كتاب الأساس في أصول الدين ، وهي مطبوعة في مقدمة كتاب شرح الأزهار في فقه الأئمة الأطهار . ثم بعد ذلك قام القاضي العلامة عبدالله بن حسين دلامة المتوفى سنة 1179ه بإتمامها . كما يوجد في متن الأزهار للإمام المهدي أحمد بن يحيى السالف الذكر الكثير من تلك القواعد .
পৃষ্ঠা ৭
شمولية المذهب وتكامله :- [8]
لقد كانت نتائج دراسات الأئمة ومن تابعهم من المجتهدين شاملة متكاملة في كل الشؤون الروحية والمادية الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية وغيرها ؛ وهم مع ذلك ولذلك لم يعيبوا أي علم من العلوم مادام ذلك مما يخدم الإنسان ويحترم عقيدته وحريته .
وقد هداهم هذا الانفتاح إلى تقنين العديد من النظريات المشكلة لأهم دعائم الحضارة والتقدم في هذا العصر ، والتي منها :
نظرية الحرية والاختيار . وهي مرتكزة على الإيمان بوحدة الله المطلقة.
نظرية الثواب والعقاب . وهي مرتكزة على الإيمان بعدل الله المطلق والقاضية بأن كل إنسان مسؤول عن عمله ومجزى عليه إن خيرا فخير، وإن شرا فشر . وقد ارتكزت عليها كل قوانين الحق والعدل في بلدان الشعوب الديمقراطية المتحررة .
نظرية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وهي في نظر الزيدية من أصول الدين الإسلامي العظيم ؛ وقد ساقت هذه النظرية علماء الزيدية إلى دراسة السلطة ومؤهلاتها ، والطاعة وحدودها ، واللاطاعة وموجباتها .
পৃষ্ঠা ৮
نظرية العدالة الاجتماعية والتوازن الاقتصادي . ومن أجلها بحث علماء الزيدية المال ووسائل تملكه ، وما يصح تملكه وما لايصح من قبل الفرد مثل المنافع العامة والمعادن . وما حرم الشارع تملكه لصفة في ذاته مثل: الخمر وسائر المخدرات وغيرها . وما حرم تملكه لا لصفة في ذاته وإنما لأن وسيلة تملكه غير مشروعة مثل : الربويات والمغصوبات والمسروقات وغير ذلك . ثم إن المشرع أباح لرئيس الدولة أخذ ما كانت وسيلة تملكه غير مشروعة وإرجاعه إلى أهله إن كانوا معروفين ، وإلا فيحق لرئيس الدولة تأميمه ومصادرته لتصريفه في مصالح المسلمين أو استثماره لمصالحهم . وشرع المشرع في المال : الزكاة ، والنفقات الواجبة والمندوبة، والصدقات ، وكل ذلك لتحقيق التوازن الاقتصادي الأمر الذي يضمن به عدم إمكانية التضخم المالي فيغلق كل المنافذ المؤدية إلى خراب المجتمعات وإثارة الأحقاد بينها نتيجة للفروق الطبقية وغيرها .
أما المرأة وهي أساس الحياة الاجتماعية فقد حضيت بما لم تحض به المرأة في عواصم الحضارة المعاصرة كلها ؛ فرعايتها ونفقاتها وإن كانت صغيرة أو شابة على ولي أمرها ، وإن كانت مزوجة فعلى زوجها وإن كانت غنية ، وإن كانت أما فعلى ولدها إن كان أو على أولياء أمورها أو على الدولة من بيت مال المسلمين ومثلها في هذا العاجز والمريض وابن السبيل المنقطع ونحوه .
وإذا زوج المرأة أبوها فلا يتم إلا برضاها واختيارها ؛ وإن كانت صغيرة فمن حقها أن تقر هذا الزواج أو تبطله بواسطة قاضي الشرع حال بلوغها . ولها كامل الحرية في التملك بالطرق المشروعة مثل الرجل تماما . ولها حق التصرف وحدها فيما تملك مثل الرجل كذلك إلى غير ذلك مما يدخل في قوله تعالى { وللنساء نصيب مما اكتسبن } وقوله تعالى { وعاشروهن بالمعروف } .
الشؤون السياسية :-
يرى المذهب الزيدي أن الإسلام دين ودولة ، عقيدة وسلوك إذ كان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم رسولا نبيا ورئيس دولة ، ومارس خلفائه السلطة الروحية والسياسية . والسلطة لم تكن مستندة إلى حق إلاهي لهم وإنما مستندة إلى النصوص الشرعية والقضايا العقلية ؛ حيث اتفق المسلمون بأنه لابد من قيام خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرعى شؤون المسلمين ومصالحهم ، وينتخب لهذه الرئاسة العظمى بالشورى بين رجال الحل والعقد .
واتفقوا على أن قاعدة الحكم ومرتكزاته هي : الشورى ، العدالة ، المساواة ، الحرية ، الاختيار ، وما إلى ذلك .
পৃষ্ঠা ৯
أما شخص الحاكم المنتخب بواسطة الشورى فالزيدية تتفق مع كل المذاهب الإسلامية في الشروط المعتبرة في الإمام ، ومنها : اشتراط النسب إذ يشترطون أن يكون قرشيا وهذا متفق عليه ؛ وتزيد الزيدية على كونه قرشيا أن يكون علويا فاطميا حسنيا أو حسينيا كشرط أولوية للأحاديث الواردة في ذلك مثل حديث الثقلين المروي في صحيح مسلم وغيره ؛ ولأن العلماء قد أجمعوا على صحة الخلافة فيهم واختلفوا في صحتها في غيرهم . وقد أبلغ الزيدية في الاختيار للشروط الواجب توفرها فيمن يصلح للإمامة حتى بلغت أربعة عشر شرطا وهي : أن يكون مسلما بالغا عاقلا ذكرا حرا علويا فاطميا سليم الحواس والأطراف مجتهدا مطلقا عدلا سخيا مدبرا مقداما لم يتقدمه مجاب الدعوة ( أي من يصلح للإمامة ) [9] .
طريقة اختيار الإمام :- [10]
وهنالك طريقتان متبعتان لإختيار الإمام بكل حرية ورغبة في الاختيار وهما :
1- ترشيح الشخص العارف من نفسه الأهلية والصلاحية لنفسه بواسطة منشور ( الدعوة ) يوضح فيه موجبات دعوته وصحة أهليته للقيام بأمر الإمامة ويبين منهج عمله فيها . وعند ذلك يجتمع رجال الحل والعقد علماء وزعماء ومثقفون لديه لمناقشته إن كان غير معروف لديهم ويتشاورون فيما بينهم في استحقاقه من ناحية الكفائة والمكانة ، فإذا ارتضوه بايعوه ، وإذا لم يرتضوه نظروا من يصلح للخلافة والإمامة غيره .
2- يرشح رجال الحل والعقد واحدا ممن يرونه صالحا لهذا المنصب ، فإذا وافقهم بايعوه ، وإذا لم يوافقهم عدلوا إلى غيره .
ومن علماء الزيدية المعاصرين من يرى أن يناط هذا الأمر إلى اختيار وترشيح مجلس الأمة الجامع لمجلس الشورى ومجلس القضاء ومجلس العلماء .
ولكون الإمام في نظر الزيدية غير معصوم فهم يشترطون عليه السير على المنهج الإسلامي والعمل على تحقيق الحق والعدل والحرية والمساواة والشورى وعلى الاستقامة عقيدة وسلوكا والحرص على تحقيق سيادة الأمة وحريتها وحماية حقوقها وصيانة استقلالها والدفاع عن أراضيها .
পৃষ্ঠা ১০
ومن أجل ذلك فهم يقررون وجوب عزله إن خان أو عجز وإن لم يعتزل عزلوه بالقوة والثورة ، وكل ذلك لإيمانهم بالحرية في الإرادة والاختيار ونظرية الثواب والعقاب والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
السلطة في النظر الزيدي :-
السلطة هي : سلطة رئاسية بمعنى أن رئيس الدولة هو رئيس الوزراء كما هو الحال تقريبا في الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الراهن. ويوجب النظام السياسي في المذهب الزيدي على الإمام بصفته رئيس الدولة أن يستعين على تصريف أمور الدولة بأفضل الرجال كفائة ومكانة . والنظام السياسي في المذهب كذلك لا يعارض أي تنظيم سياسي حديث شامل لكل المؤسسات والهيئات السياسية والتشريعية القضائية مع مراعاة حرية الرأي التي هي من حق كل فرد بصورة نزيهة .
العلاقة بين الحاكم والمحكوم :-
والعلاقة بينهما علاقة روحية أكثر منها مادية ؛ ولهذا فقد كانت طبيعة هذه العلاقة هي الأساس في الحكم بالعدل والمساواة والحياة بحرية فكرية . كما أنها هي وحدها كانت تفرض الأمن والاستقرار في معظم الفترات التاريخية .
وختاما يجدر بنا القول بأن للزيدية أنظار اجتماعية واقتصادية وسياسية لاتكفي هذه العجالة للتنويه بها والإشارة الكافية إليها . والله المسؤول أن يهدينا إلى أقوم طريق والحمد لله رب العالمين .
علي بن عبدالكريم الفضيل شرف الدين
6/4/1411ه
পৃষ্ঠা ১১
المراجع :-
ابن تغري بردي ، جمال الدين أبي المحاسن يوسف ، النجوم الزاهرة في تاريخ مصر والقاهرة ، المؤسسة العالمية للتأليف والطباعة والنشر .
الجنداري ، أحمد ، تراجم رجال شرح الأزهار ( ملحق بشرح الأزهار ) 1401ه ، أربعة أجزاء .
أبو زهرة ، محمد ، الإمام مالك حياته وعصره ، أراءه وفقهه ، دار الفكر العربي ، 1964م .
شرف الدين ، علي عبدالكريم الفضيل ، الزيدية نظرية وتطبيق ، عمان، 1985م .
شرف الدين ، علي عبدالكريم الفضيل ، لمحات من التاريخ ، غير منشور .
ابن المرتضى ، أحمد بن يحيى ، البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار ، بيروت ، 1975م ، خمسة أجزاء .
ابن المرتضى ، أحمد ، متن الأزهار ، 1972م .
পৃষ্ঠা ১২
EDITOR|
পৃষ্ঠা ২