﵊ لأبي ذر: ناد في الناس من له في القبر ميت فليحضر عند قبر ميته.
فخرجوا وحضروا إلى ذلك القبر، فما كان بعد ساعة إلا وعجوز قد أقبلت متوكئة على عصاها وهي تقوم مرة وتقع أخرى، حتى بلغت رأس القبر، فقال ﷺ: صاحب هذا القبر ما هو منك؟ فقالت له: ولدي وقرة عيني، قال: فما أنت عنه راضية؟ فقالت: لا، وذلك لأنه دخل علي يومًا وهو سكران، فضربني وكسر يدي، فقلت له: لا رضي الله عنك، فقال لها ﵊: " ارحمي ترحي، ضعي أذنك على القبر واسمعي صوته ".
فسمعته وهو يقول: الأمان الأمان يا رسول الله، النار من فوقي، والنار من تحتي، وعن يميني، وعن شمالي، فلما سمعت صوته بكت بكاء شديدًا وقالت: يا رسول الله، قد رضيت عليه فصاح الشاب: يا أماه إنصرفي فقد رحمني الله " وقيل في المعنى شعر:
ذهبت لذة الصبا في المعاصي ... وبقي بعد ذلك اخذ القصاص
وإحيائي إن حملت ذنوبي ... لمقام تشيب فيه النواصي
أنا عاصر، نوحي علي وابكي ... ويحق البكا على كل عاص
يا حميد الفعال يا من له الملك ... ارتجي في المعاد منك الخلاصي
بنبي أرسلته ورسول ... بحبيب لديك كنز اختصاص
تعف عما مضى وتب يا إلهي ... قبل موتي علي قبل القصاص
الخوف من النداء للعرض
حكي عن هشام ﵁ أنه قال: رأيت ولدي في المنام، فإذا هو شائب، فقلت له: يا ولدي مم هذا الشيب؟ قال: يا أبت قدم فلان علينا
1 / 57