اتهموني، وأني أقسم عليك يا حبيب قلبي أن تأمر كل دابة في البحر أن تخرج رأسها، وفي فم كل واحدة منهن جوهرة.
قال ذو النون ﵁: فما استتم كلام الشاب حتى رأينا دواب البحر وقد أخرجت رؤوسها وفي فم كل واحدة منهن جوهرة تتلألأ وتلمع، ثم وثب - على الماء يتبختر وهو يقول: (إياك نعبد وإياك نستعين) .
وقيل لمالك بن دينار ﵁: كيف سبب توبتك؟ فقال: كنت شرطيًا وكنت منهمكا على شرب الخمر، وكانت لي جارية، فولدت لي بنتًا فلما دبت على الأرض ألفتها وألفتني، وكنت إذا شربت الخمر جاءت إلي وأهرقتها علي، ثم أنها ماتت.
فلما كانت ليلة النصف من شعبان وأنا نائم سكران، فرأيت كأن القيامة قد قامت، فالتفت فإذا بتنين عظيم وهو من أعظم ما يكون، قد فتح فاه وهو مسرع إلي، فوليت هاربًا منه مرعوبا، فرأيت شيخًا نقي الثوب، طيب الرائحة، فقلت له: أجرني من هذا التنين أجارك الله، فبكى الشيخ، وقال: إني ضعيف وهذا أقوى مني، فوليت هاربًا حتى أشرفت على طبقات النيران، وكنت كدت أن أهوي فيها، فصاح صائح: إرجع فلست من أهلها، فاطمأننت إلى قوله فرجعت.
فإذا التنين قد قرب مني وتحيرت في أمري، وإذا بإبنتي التي ماتت وقد أشرفت وقالت: يا أبت، أنت أبي والله، ومدت يدها اليمنى إلي فتعلقت بها، ومدت يدها اليسرى إلى التنين فولى هاربًا، ثم أجلستني وقعدت في حجري، وقالت: يا أبت، (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) . فقلت لها: وأنتم تقرأون القرآن؟ قالت: نعم، ونحن أعرف بحروفه منكم، فقلت لها: أخبريني عن التنين الذي هو أراد هلاكي، قالت: يا أبت، هذا عملك السوء
1 / 45