فتاة تساوى عقدها وكلامها ... ومبسمها الدّرّىّ في النثر والنظم
عاد الحديث الأول- قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجى:
حدثنا يوسف بن يعقوب قال: أخبرنى جدّى قراءة عليه، عن أبى داود، عن محمد بن عبيد الله، عن أبى إسحاق، عن البراء يرفعه إلى رسول الله ﷺ قال: «إن من الشعر لحكما، وإن من البيان لسحرا» قال أبو القاسم:
هكذا روينا الخبر، وراجعت فيه الشيخ، فقال: نعم، هو: «إن من الشعر لحكما» بضم الحاء وتسكين الكاف، قال: ووجهه عندى إذا روى هكذا: إن من الشعر ما يلزم المقول فيه كلزوم الحكم للمحكوم عليه؛ إصابة للمعنى، وقصدا للصواب وفي هذا يقول أبو تمام:
ولولا سبيل سنّها الشعر مادرى ... بغاة العلى من أين تؤتى المكارم «١»
يرى حكمة ما فيه وهو فكاهة ... ويرضى بما يقضى به وهو ظالم
انتهى كلام أبى القاسم.
وقد وجدنا في الشعر أبياتا يجرى على رسمها، ويمضى على حكمها؛ فقد كان بنو أنف الناقة إذا ذكر أحد عند أحد منهم أنف الناقة- فضلا عن أن ينسبهم إليه- اشتدّ غضبهم عليه؛ فما هو إلا أن قال الحطيئة «٢» يمدحهم:
سيرى أمام فإن الأكثرين حصى ... والأطيبين إذا ما ينسبون أبا «٣»
1 / 53