واختار له أيضا:
كتمت هواك حتى عيل صبرى ... وأدنتنى مكاتمتى لرمسى
ولم أقدر على إخفاء حال ... يحول بها الأسى دون التأسى
وحبك مالك لحظى ولفظى ... وإظهارى وإضمارى وحسى
فإن أنطق ففيك جميع نطقى ... وان أسكت ففيك حديث نفسى
ولو نقلت إلينا من شعره طائفة صالحة لاستطعنا أن نعيّن منزلته بين الشعراء.
أما نثره فمستملح، ويغلب فيه السّجع المقبول، الخالص من شوائب الصنعة والتكلف، والسجع في الأصل حلية وزينة، وإنما يعاب عند الغلوّ والإغراق.
وإليكم أنموذجا مما جاء من نثره في مقدمة كتابه، قال:
«ولم أذهب في هذا الاختيار، إلى مطولات الأخبار، كأحاديث صعصعة ابن صوحان، وخالد بن صفوان، ونظائرهما؛ إذ كانت هذه (يريد الفقر الصغيرة) أجمل لفظا، وأسهل حفظا، وهو كتاب يتصرف فيه الناظر من نثره، إلى شعره، ومطبوعه، إلى مصنوعه، ومحاورته، إلى مفاخرته، ومناقلته، إلى مساجلته، وخطابه المبهت، إلى جوابه المسكت، وتشبيهاته المصيبة، إلى اختراعاته العريبة، وأوصافه الباهرة، إلى أمثاله السائرة، وجده المعجب، إلى هزله المطرب، وجزله الرائع، إلى رقيقه البارع» .
وهذا كما ترى سجع يجمع بين دقّة الصّنع، ورقّة الطبع، فهو في دقته مطبوع، لا مصنوع.
طريقته في التأليف
الأدب لا موضوع له، كما يقول أستاذنا الجليل الشيخ سيد المرصفى، وكذلك كان يفهمه أبو إسحاق الحصرى، فهو لا يحفل بترتيب المسائل، ولا بتبويب الموضوعات. وإنما يتصرف من الجد إلى الهزل، ومن الأوصاف
1 / 14