(١٠٩)
٦ - قولهم: اللهُمَّ اغفِرْ لنا ذنوبَنا
(١)
قال أبو بكر: قال قطرب [محمد] بن المستنير (٢): معناه اللهم غطِّ علينا ذنوبنا. قال: وهو مأخوذ من قول العرب: قد غفرت المتاع في الوعاء أغفره غفرا، ويقال: اغفر متاعك في الوعاء، أي: غطه فيه.
قال أبو بكر: وسمعت أبا العباس يقول: تقول العرب: [قد] غفر الرجل في مرضه يغفر غفرًا إذا نُكِسَ في مرضه، فكأن المرض غطَّى عليه. واحتج بقول الشاعر (٣):
(خليلي إنَّ الدارَ غَفْرٌ لذي الهوى ... كما يغفرُ المحمومُ أو صاحبُ الكَلْمِ)
ومن ذلك قوله ﷿: ﴿واستغفروا ربكم﴾ (٤)، معناه: سلوا ربكم أن يغطي عليكم ذنوبكم. ومن ذلك قوله: ﴿أنِ اعبدوا الله واتقوه وأطيعونِ يَغْفِرْ لكم من ذنوبكم﴾ (٥) . معناه: يغطي عليكم ذنوبكم. (٨ / أ)
قال الكِسائي (٦) وهشام (٧) وغيرهما: / (من) في هذا الموضع زائدة، وذهبوا إلى أنها مؤكدة للكلام، والمعنى عندهم: يغفر لكم ذنوبكم. وقالوا: هو بمنزلة قوله: ﴿ولهمْ فيها منْ كلِّ الثمراتِ﴾ (٨)، والمعنى: ولهم فيها كل الثمرات واحتجوا بقوله ﷿: ﴿قُلْ للمؤمنينَ يغضوا من أبصارهم﴾ (٩)، فالمعنى:
_________
(١) الفاخر ١٣٤، اللسان والتاج (غفر) .
(٢) توفي سنة ٢٠٦ هـ (طبقات النحويين ٩٩، نور القبس ١٧٤: أخبار النحويين ٣٨) .
(٣) المرار الفقعسي، شعره: ١٧٦.
(٤) هود ٩٠.
(٥) نوح ٣، ٤
(٦) علي بن حمزة، إمام أهل الكوفة في النحو، وأحد القراء السبعة، توفي ١٨٩ هـ. (نور القبس ٢٨٣، الأنباه ٢ / ٢٥٦، البغية ٢ / ١٦٢) .
(٧) هشام بن معاوية الضرير، أخذ عن الكسائي، توفي سنة ٢٠٩ هـ. (نزهة الألباء ١٦٤. أنباه الرواة ٣ / ٣٦٤، وفيات الأعيان ٦ / ٨٥) .
(٨) محمد ١٥.
(٩) النور ٣٠.
1 / 16