বিদ্রোহী নেতা আহমেদ উরাবি
الزعيم الثائر أحمد عرابي
জনগুলি
ويؤخذ من بيان اللورد دفرين أن إنجلترا كانت تقصد من الاشتراك في المؤتمر إعلان أن الحالة في مصر تستدعي التدخل في شئونها، وأن هذا التدخل يجب أن يكون حربيا لقمع الثورة وإعادة سلطة الخديو، وكانت ترمي إلى أن يكون هذا التدخل إنجليزيا ... ولكنها تظاهرت على لسان اللورد دفرين بأنها تبغي أن يكون تركيا، وهي عالمة بأن الحكومة التركية بلغت من الضعف والتردد بحيث لا تقدم على هذه المهمة، ولو أنها تدخلت بجيشها لكان من المحتمل أن يكون ذلك إنقاذا للموقف وتفاديا من الاحتلال؛ لأن الدول الأوروبية ما كانت لتقبل بقاء جيش عثماني في مصر إلى ما شاء الله، وفي الحق أن الحالة لم تكن تستدعي إرسال جيش عثماني أو غير عثماني، فإن وزارة راغب باشا كانت تستطيع إعادة الأمن والنظام إلى نصابه، لو لم تبادرها السياسة الإنجليزية بالعقبات والعراقيل.
كانت إنجلترا واثقة من جمود السياسة التركية وضعفها، مطمئنة إلى انقسام الدول الأوروبية في الرأي، وعدم اتخاذها قرارا معينا في المسألة المصرية ... فانتهزت هذه الفرصة وأخذت قبل انعقاد المؤتمر وخلال انعقاده تعد معدات الحرب والقتال؛ لتنتهك بأسطولها وجيشها حرمة العهود والمواثيق، وتحتل مصر تحت سمع المؤتمر وبصره.
وقد بدت منها نية الخداع جلية في مفاوضاتها بالمؤتمر، فقد اقترح السفير الإيطالي على الأعضاء بجلسة 27 يونيو، أن تقرر الدول الامتناع عن التدخل المنفرد في مصر ما دام المؤتمر منعقدا، ولو كانت إنجلترا حسنة النية لوافق مندوبها على هذا القرار، ولكن الواقع كما أسلفنا أنها كانت تجهز معدات لاحتلال مصر، فأخذ اللورد دفرين يلح في ضرورة وضع تحفظ لهذا القرار، حتى قرر المؤتمر إضافته وهو «فيما عدا الأحوال القهرية»، فنم بذلك على ما كانت تضمره إنجلترا من مخادعة المؤتمر، وما كانت تبيته من نية الشر والعدوان ونقض العهد والميثاق، وقد اطمأنت بعد وضع هذا التحفظ، وتركت المؤتمر يجتمع ويقرر ما يشاء، إذ كانت هذه الكلمة كافية لتجعل قراراته عديمة القيمة. •••
ومن الغريب أن المركيز دي نواي سفير فرنسا قد أيد اللورد دفرين في اقتراحه إضافة هذه الحاشية، فدل بذلك على مبلغ تخبط السياسة الفرنسية في ذلك الحين، وقد اغتبط اللورد دفرين لهذه الإضافة، وأرسل في اليوم التالي إلى اللورد جرانفيل رسالة يقول فيها: «إننا في الواقع منذ أن تم تعديل اقتراح السفير الإيطالي هذا التعديل الهام لم نعد نعتبر للاقتراح قيمة كبيرة.»
قرر المؤتمر في جلسته الثالثة وجوب التدخل في مصر لإخماد الثورة، وأن يعهد إلى تركيا بهذه المهمة، بأن ترسل إلى مصر قوة كافية من الجند لإعادة الأمن والنظام إليها، وأخذ يتداول في الجلسات التالية في شروط هذا التدخل وحدوده، واستفادت إنجلترا من هذا البطء لإتمام تدابيرها وإنفاذ خطتها في تدخلها المنفرد، ووضع المؤتمر في جلسته السابعة - يوم 6 يوليو سنة 1882 - قواعد هذا التدخل، وهي: أن يحترم الجيش الذي ترسله تركيا مركز مصر وامتيازاتها، التي نالتها بموجب الفرمانات والمعاهدات، وأن يخمد الثورة العسكرية ويعيد إلى الخديو سلطته، ثم يشرع في إصلاح النظم العسكرية في مصر، وأن تكون مدة إقامته في مصر ثلاثة أشهر، إلا إذا طلب الخديو مدها إلى المدة التي تتفق عليها الحكومة المصرية مع تركيا والدول الأوروبية العظمى، ويعين قواد هذا الجيش بالاتفاق مع الخديو، وتكون نفقاته على حساب مصر، ويعين مقدارها بالاتفاق مع مصر وتركيا والدول الست العظمى الأوروبية.
وقد صدر هذا القرار على أن يعرض على الحكومة التركية والحكومات الأوروبية الست التي لها ممثلون في المؤتمر، وأرسل نص القرار إلى هذه الدول فأقرته، ووافقت على تقديمه إلى الحكومة التركية، فأرسل إليها ولكنها لم تقره، ووقفت موقف الإحجام والتردد، شأن السياسة التركية في ذلك العهد. واعتمدت في رفضها التدخل على تقارير درويش باشا الذي يقول فيها إنه ليس في مصر ما يوجب تدخلها، وقد وافقت إنجلترا على دعوة تركيا إلى التدخل في هذا الوقت الذي كانت تعد فيه معدات القتال لتتدخل هي بمفردها؛ ذلك لأنها كانت مطمئنة إلى بطء السياسة التركية وترددها، وأنها تستطيع خلق «الحالة القهرية» التي نوه إليها اللورد دفرين، فتتذرع بها إلى التدخل الحربي من جانبها ضاربة صفحا عن قرار المؤتمر، وقد أنفذت خطتها، إذ ضرب الأسطول الإنجليزي مدينة الإسكندرية يوم 11 يوليو قبل أن تتقدم الدول إلى تركيا بقرار المؤتمر، وقبل أن يتبين موقف تركيا حيال هذا القرار.
أما التدخل في ذاته فلم يكن ثمة موجب له؛ لأن الحالة في مصر كانت طبيعية بعد تأليف وزارة راغب باشا ... ومن الوقائع الثابتة أن إنجلترا أخذت تجهز معدات القتال قبل انعقاد المؤتمر، فقد أصدرت وزارة البحرية الإنجليزية في 15 يونيو تعليماتها إلى بواخر النقل بالاستعداد للسفر إلى مصر، مقلة كتائب الجنود في ذلك الحين لإرسالها إلى الديار المصرية.
وقد كانت آخر جلسة عقدها المؤتمر قبل ضرب الإسكندرية - وهي الجلسة السابعة - يوم 6 يوليو، فلما وقع الضرب ظهر أن المؤتمر لم يكن إلا مهزلة اتخذتها إنجلترا وسيلة لشغل الناس عما تضمره من نياتها العدائية، واجتمع المؤتمر مع ذلك بعد الضرب يوم 15 يوليو، وأخذ يستأنف النظر في تدخل تركيا الحربي.
عرابي والمؤتمر
استمر المؤتمر كما أسلفنا يعقد جلساته على غير طائل، وإنجلترا تعد المعدات للقتال، وقد كان انعقاده مدعاة إلى اعتقاد عرابي وصحبه أن المسألة المصرية ستحل بطريق المفاوضات بين الدول، وأن انعقاد المؤتمر مانع من انفراد إنجلترا أو غيرها من الدول من التدخل الحربي في مصر، وكان هذا إغراقا منهم في حسن الظن أو الجهل بما تنويه إنجلترا ...
অজানা পৃষ্ঠা