বিদ্রোহী নেতা আহমেদ উরাবি
الزعيم الثائر أحمد عرابي
জনগুলি
الأسباب الاجتماعية
إن حالة المجتمع المصري كانت تؤهله بلا مراء - عند أول دعوة - لتلبية نداء الحرية والثورة ... وذلك بفضل انتشار التعليم من عهد محمد علي، فالمدارس التي أسسها والبعثات العلمية التي أوفدها إلى الخارج، وقد خرجت طبقة مثقفة نالت حظا موفورا من العلوم، وليس يخفى أن العلم من شأنه أن يهذب النفوس وينير البصائر، وينهض بالعقول والأفكار، ويسمو بها إلى التماس الرقي والتقدم، ويعرفها معاني الحرية والمساواة والحقوق الإنسانية، ويهيب بها إلى محاكاة الأمم الحرة في الثورة على الاستبداد. فالنهضة العلمية كان لها فضل لا ينكر في توجيه أنظار المثقفين إلى التبرم بالاستبداد والتطلع إلى الحرية والدستور.
واقترنت النهضة العلمية بنهضة في الأدب، قوامها الشعراء والكتاب من أدباء ذلك العصر، والأدب بما يطبع في نفس الأديب من التطلع إلى المثل العليا يمهد للنهضات الوطنية ويغذيها، ويحدو الأمم إلى الاستمساك بالحرية والكرامة الإنسانية، والنفور من الذل وإباء الضيم والمهانة ...
فالعلوم والآداب كان لها أثرها في تمهيد الأفكار لقبول الثورة وفي الدعاية لها، وقد كان لقصائد الشعراء ومقالات الأدباء وما كان يلقيه الخطباء في المحافل والمجتمعات أثر كبير في التحريض على الثورة.
وكانت الصحافة من العوامل القوية في ترقية الأفكار بما تكتب عن الشئون العامة في مصر والخارج، وما تنشر من المقالات عن مختلف الأحوال السياسية والاجتماعية، وما تحوي من التنويه بالأعمال النافعة وانتقاد الأعمال الضارة ... فكان لها فضل كبير في تفتيح أذهان الناس، وتبصيرهم بالحقائق، وتهذيبهم وتثقيفهم، وكان لصحف المعارضة أثرها في إحراج مركز الحكومة وتبرم الناس بها، وقد استهدفت هذه الصحف للإنذار والتعطيل كما تقدم، فكان الاضطهاد يكسبها عطف الناس ويزيدهم تعلقا بها، وتأييدا لآرائها وأفكارها الحرة.
ويتصل بالأسباب الاجتماعية تأثير السيد جمال الدين الأفغاني في المجتمع المصري، فقد ظهرت على يده بيئة استضاءت بأنوار العرفان، وارتوت من ينابيع العلم والحكمة، وتحررت عقولها من قيود الجمود والأوهام، وبفضله خطا فن الكتابة والخطابة في مصر خطوات واسعة، ولم تقتصر حلقات دروسه ومجلسه على طلبة العلم، بل كان يؤمها كثير من العلماء والموظفين والأعيان، وكان يحمل بين جنبيه روحا كبيرة ونفسا قوية، تزينها صفات وأخلاق عالية، فأخذ يبث في النفوس روح العزة والشهامة، ويحارب روح الذلة والاستكانة، وكان بنفسيته ودروسه وأحاديثه ومناهجه في الحياة، مدرسة أخلاقية رفعت من مستوى النفوس، وكانت على مر الزمن من العوامل الفعالة للتحول الذي بدا على الأمة، وانتقالها من حالة الخضوع والاستكانة إلى التطلع للحرية والتبرم بنظام الحكم القديم ومساوئه، والسخط على تدخل الدول في شئون البلاد.
ولئن نفي جمال الدين من مصر في أوائل حكم توفيق، فإن روحه ومبادئه وتعاليمه تركت أثرها في المجتمع المصري وهيأته للثورة، ولا غرو فكثير من أقطابها هم من تلاميذه أو مريديه أو المتأثرين بتعاليمه، ولو بقي في مصر حين نشوب الثورة لكان جائزا أن يمدها بآرائه الحكيمة وتجاربه الرشيدة، فلا يغلب عليها الخطل والشطط، ولكن شاءت الأقدار والدسائس الإنجليزية أن ينفى السيد من مصر، وهي أحوج ما تكون إلى الانتفاع بحكمته وصدق نظره في الأمور. (2) عرابي يتزعم الجيش
كان ضباط الجيش يتطلعون إلى رجل منهم يتولى زعامتهم وتوحيد كلمتهم للمطالبة بحقوقهم المشروعة ... فوجدوا في عرابي ذلك الزعيم، ولقد كانت صفات الزعامة متوافرة فيه بالنسبة للظروف التي عاصرها، فقد كان ذا شخصية قوية جذابة تؤثر فيمن حوله وتجتذبهم إليه، وهذه أولى صفات الزعامة، كانت أقواله تقع من نفوس الضباط والسامعين موقع الإقناع، وهذا مظهر لقوة شخصيته، ولولا أنه ذو شخصية كبيرة قوية لما استطاع أن يجمع الجيش وضباطه على محبته، والانضواء تحت لوائه، والائتمار بأوامره.
ويمكن تحديد سنة 1881 لبدء زعامته العسكرية على معظم ضباط الجيش ... في هذه السنة كان عثمان رفقي يتولى وزارة الحربية، وكان وحده من أسباب ظهور الثورة العرابية، وآخر ما وقع منه - مما عجل بالثورة - أنه أصدر أمرا بنقل الأميرالاي عبد العال حلمي حشيش بك - أحد زعماء الثورة فيما بعد - قائد آلاي طرة إلى ديوان الجهادية (وزارة الحربية) وجعله معاونا بها، وفي هذا تنقيص من درجته ومركزه، وأمر بتعيين خورشيد نعمان بك بدله، وهو من أصل شركسي، وأصدر أمرا آخر بفصل أحمد عبد الغفار بك قائمقام آلاي الفرسان، وعين بدله ضابطا شركسيا.
علم عرابي بهذه الأوامر في 16 يناير سنة 1881 قبل نشرها، فثار لها، وقال لمن بلغه نبأ هذه الأوامر: «إن هذه لقمة كبيرة لا يقوى عثمان رفقي على هضمها.» وذهب إلى داره ساخطا محنقا، فألقى كثيرا من الضباط ينتظرونه ليتشاوروا معه فيما يجب عمله، إذ كانوا قد بلغهم أيضا نبأ تلك الأوامر، فأخذوا يتداولون البحث في الموقف، فاتفقت كلمتهم على اختيار عرابي رئيسا لهم، وعهدوا إليه في العمل للتخلص من هذه الحالة، وقرروا أنهم يتضامنون معه في تنفيذ ما يأمر به، وأقسموا على السيف والمصحف أنهم يفدونه ويفدون الوطن بأرواحهم، واتفقوا على كتابة عريضة إلى رياض باشا يطلبون فيها عزل وزير الحربية عثمان رفقي باشا.
অজানা পৃষ্ঠা