178

ولا بد أن نذكر في هذا السياق أن أخبار المريخ تتطاير بها البلاغات البرقية؛ لأنها ترتبط بمسألة الخلود ولا ينحصر أمرها في مسألة الحياة؛ إذ يسأل بعض المؤمنين: كيف يا ترى يكون خلاص الأرواح المريخية، كما أن خلاص الأرواح الأرضية في عقائد المؤمنين بخطايا الجنس البشري وحاجته إلى الفداء؟ (4)

وخاتمة المطاف اليوم أن اللغط الذي يهذر به أحلاس القهوات عندنا خليق بالإهمال الذي يلقاه من قراء العربية في كل آونة؛ لأنه سخف ينم على جهل مطبق، أو على افتراء أناس مأجورين يندفعون بأمر الموعزين إليهم من حيث لا يفقهون، فما من مخلوق يعقل ما يقول يزعم أن الأدب العصري، أو أدب الحياة العصرية، صفة تخلع على حكايات السرير ولا تخلع على دراسات تبحث عن الحياة في كل زاوية من زوايا الكون، ولا يتراخى عليها القدم كما يهذرون، بل يحسبها وكلاء الأنباء أحيانا من عواجل البرقيات.

حضارة الجنس الأسود1

أعرف أن العلماء المتخصصين لعلم الأجناس البشرية يقولون بتشابه البيض والصفر والسمر والسود في أصل الخلقة، ويؤكدون أن الاختلافات التي بينهم عارضة غير متأصلة في تكوينها، ومنهم من يرفض القول بتفوق بعضها في خدمة الإنسانية، ولا يصعب عليهم أن يستدلوا على اشتراكها في هذه الخدمة بالأمثلة من تاريخ الصين والهند والفارسيين والعرب والأوربيين والأمريكيين.

وأنا شاب سوداني فخور بجنسي، لا أقبل عوضا منه لونا من الألوان، ولكني أحب أن أفخر بسبب ولا يكفيني مجرد النخوة القومية، فهل لكم أن تدلوني على سبب؟ وهل تعرفون تاريخا صحيحا يدل على اشتراك الجنس الأسود في خدمة الحضارة الإنسانية؟

سوداني

نعم، وإنه لسبب صحيح وسبب وجيه، وسبب يضارع غيره من أسباب المفاخر والذكريات.

إن الجنس الأسود قد عرف الزراعة قبل أكثر من خمسة آلاف سنة، يوم كان الكثيرون من أبناء الأجناس الأخرى يجهلونها وهم يعيشون في أخصب البقاع، ويعولون في معيشتهم على الصيد ورعي الماشية.

والثابت اليوم من تاريخ الجنس الأسود في صميم القارة الأفريقية، أنه زرع الأرض واعتمد على غلاتها وثمراتها قبل أن يعرف الماشية، وأنه قد ظل بعد انتقالها إلى مواطنه في الجانب الغربي الجنوبي من أفريقيا يعتمد على خبرته بالزراعة ولا يأكل من ألبان الماشية، وإن أكل من لحومها.

وقد وجدت في تلك المواطن أصناف من النبات لم توجد في غيرها ، فتعلم الناس زرعها من السود الأفريقيين بعد انتشارهم على بلاد السواحل الغربية والشرقية.

অজানা পৃষ্ঠা