وهذا، يحيى آغا بن خليل آغا بن طالو، ابن الذي قتل سنة قتل الآغاوات بدمشق، سنة ١١٠٣هـ، والقصة مشهورة، وكان السبب، قتلهم لصالح آغا بن صدقة من متقاعدي دمشق، وكان أنشأ خيرات وعمر مسجدًا بخطبة شرقي داره، وأوقف له أوقافًا، ورتب فيه أجزاء ومؤذنين، وعمر جسر ثورا وقنيًا كثيرةً، وبلط مواضع ورتب خيرات، وكان يرسل مبرات إلى أربابها، وأدركته: كان أشقر أبيض الرأس واللحية، فيه بعض حول، وأمواله كانت لا تحصى، فقوي الحسد عليه مع ما فيه من الخيرات والمبرات.
وكان له حسن تدبير ورأي حسن، وكلمته نافذة في سائر البلاد، وحتى إلى مصر والروم إلى غير ذلك، ثم خنقه قول دمشق ظلمًا وحسدًا ليظفر بالشهادة، وذلك في يوم سنة ١١٠٠، وصلي عليه بجامعه وغسل فيه لأنهم ختموا داره، حتى أخرجوا نساءه منها، ودفن غربي بلال بن حمامه، ﵁.
نهب أمواله:
ونهب ماله وذخائره، وأجروا في ذلك دعاوي عليه افتراءً لا أصل لها، رغبةً في المال، لدى أبي الصفا أفندي بن أيوب، وكان نائبًا بمحكمة الباب، ولم يبق لورثته شيئًا سوى أملاكه وأوقافه، وبلغت أمواله من تركته ألف كيس توزعوها: هذا يدعي أن له عنده ألف، وهذا خمسماية وهذا ثلثماية وهذا ماية، كل على قدر قوته، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثم بعد مدة ورد الكرجي محمد باشا كافلًا بدمشق، ومعه فرمانات بقتل زربا دمشق، وكان من قبله يرد معه ذلك، ويأخذ من الوجاق مالًا ويترك الفرمان. لكن هذا وصي على ذلك وأُكد عليه.
أسماؤهم:
وكان الزربا آغاوات الشام زاد غرورهم وقوتهم وشأنهم، ورئيسهم كور إبراهيم آغا ومن معه، وكان من رؤسائهم ومتقاعديهم هذا خليل آغا ابن طالو، كذلك مصطفى آغا بن كيوان، وإسماعيل آغا بن كيوان، وقاسم آغا بن كيوان، وسليمان آغا ترجمان، ومحمد آغا بن الترجمان، وجعفر آغا، ومحمد آغا، آغة النيكجرية، ونعمتي جعفر آغا، وعمر آغا الرومي، والكيخية ابن سالم خاير، إلى غير ذلك من أعيان الوجاق.
الباشا يداهنهم:
ثم إن الباشا أرسل يتلاقاهم بالمودة، وكان الواسطة في ذلك محمد آغا ابن عبدي، من أهالي دمشق، وشكر لهم حسن حاله، وأنه يعطيهم الخط الشريف، ويعرض لهم بالعفو، فدخل في ذهنهم كلامه، وأنهم يدخلوا السرايا، ولا بأس عليهم.
فاجتمعوا، فذهب للسرايا منهم جماعة، كآغة الينكجرية محمد القشجي، ومصطفى آغا كيوان، وخليل آغا بن طالو، وبقيت البقية، ودخل مع هؤلاء غير المذكورين في الخط الشريف، وكان سبقهم ابن عبدي وقال: تعالوا هناك وأخرج أنا وأنتم، فلما رآهم دخلوا السرايا ورآهم الباشا من بعيد، قام ابن عبدي وذهب، وهم ما رأوا على أنفسهم الرجوع، فجلسوا فأسقاهم الشربات وأكرمهم، ثم أمر الديوان أفندي بقراءة الخط الشريف، وفيه أسماؤهم وبياض، فما تم الكلام إلا ومسكوا.
مقتلهم
وأول ما قتلوا موسى آغا ترجمان، وكان شابًا لطيفًا كاملًا، لم يكن مذكورًا في الخط الشريف، فذبح عند النحر، ثم قتلوا البقية وألقوهم خارج السرايا جثثًا بلا رؤوس، وذلك يوم الجمعة ٢٧ رمضان سنة ثلاث وماية وألف، وكانوا بعد جلوسهم سكروا السرايا، فلما أخرجوهم نادوا بالأمان والاطمئنان، وأُمر بقية الآغاوات بالخروج وأن لا أحد يتعرضهم.
وهرب محمد آغا وإسماعيل آغا الكيواني إلى بلاد الدروز عند الأمير أحمد ابن معن، وأرسل الباشا للحوق بهم عسكرًا، فلم يظفروا بهم.
ثم بعد أيام، رفع للقلعة سليمان آغا بن الترجمان، وخنق بقلعة دمشق، وأُرسل رأسه هو والجماعة للروم، ثم نعمتي ثم جعفر آغا ثم عمر آغا الرومي ثم الكيخية، وكل ذلك أصله بسبب دم صالح آغا، وآخرهم قتلًا البلكي التركماني محمد باشا، وكان هو الباش جاويش في كل سنة في الحج الشريف.
الشعراء يرثونهم
وفيهم يقول الشاعر:
نفذ القضاء فلا مردّ لحكمه ... في قتل أربعة بهم فرط الفرط
فثلاثةٌ أسقط بلا بدلٍ وفي ... موسى إذا أرّحته: بدل الغلط
وقال آخر:
لمّا سقى ساقي الحمام شرابه ... أمراء جلّق بالكؤوس المترعة
نزل القضاء بمصطفى ومحمّدٍ ... وخليل مع موسى القتيل مبمضيعه
أسماؤهم تاريخهم لكنّه ... لم يظهر الا بعد قتل الأربعة
وقال آخر:
1 / 6