إنني أحب الأقمار، إنها جميلة وساحرة، إنني أتمنى أن يكون لنا خمسة أو ستة أقمار، ففي هذه الحالة لن أذهب إلى فراشي، ولن تمل نفسي التطلع إليها وأنا راقدة على الحشائش.
إن النجوم جميلة أيضا، إنني أتمنى أن أعلق بعضا منها في شعري، ولكنني أعتقد أن هذا مستحيل؛ لأنها بعيدة عني! ولقد كنت أعتقد أنها قريبة المنال، فلما ظهرت ليلة أمس حاولت أن أسقط بعضا منها بعصا من الخشب، ولكنني لم أستطع بلوغ مكانها، وهذا مما حيرني حقا. ثم جربت استعمال الرمح حتى كلت يدي ولم أستطع الحصول على نجم منها. ولعل السبب في ذلك أنني أستعمل يدي اليسرى، ولا أستطيع إجادة التصويب.
ولذلك بكيت قليلا، وكان هذا طبيعيا لمن كانت في مثل سني، وبعد أن استرحت قليلا حملت سلة واتجهت نحو المكان الذي يقع على حافة الدائرة؛ حيث تبدو النجوم قريبة من الأرض، وحيث أستطيع أن أمسكها بيدي، وكان هذا أفضل؛ لأنه يمكنني جمعها برفق، فلا ينكسر منها شيء، ولكنها كانت أبعد مما أظن حتى إنني اضطررت أخيرا أن أتركها وشأنها، لقد كنت متعبة إلى حد أنني لم أستطع أن أجر قدمي اللتين كانتا تؤلمانني كثيرا.
ولم أستطع العودة إلى البيت إذ كانت المسافة بعيدة، وأصبح الجو باردا، ولكنني وجدت بعض النمور فرقدت بينها وأحسست بالدفء والراحة. وكانت أنفاسها حلوة؛ لأنها تعيش على الفراولة ... لم أر نمرا من قبل ولكنني عرفتها في الحال بجلدها الأرقط، لو استطعت أن أحصل على جلد من جلودها لصنعت لنفسي منه «فستانا» جميلا.
واليوم بدأت أستطيع تقدير المسافات، فقد كنت في شوق بالغ للإمساك بكل شيء جميل، ولكنني كنت أحيانا أمسك الشوك الذي يتخللها فتعلمت درسا، كما أطلقت مثلا - من تأليفي أنا - وهو أول مثل أطلقته: «لا بد أن نقاسي الشوك حتى نحصل على «التجربة» التي عقدنا العزم على الحصول عليها.»
وأظن أن هذا المثل يعتبر مثلا ممتازا بالنسبة لشخص في مثل سني.
لقد اقتفيت أثر «التجربة» الأخرى بعد ظهر أمس، وكنت أسير على مسافة قريبة منها لأرى ماذا تكون؟ فإنني لم أستطع أن أكشف كنهها. إنني أظن أن «التجربة» هي رجل، لم أر في حياتي رجلا ولكنها تشبه الرجل، وأحس في قرارة نفسي بأنها رجل؛ ولذلك تبينت أنني أصبحت مهتمة بها أكثر من اهتمامي بأي حيوان زاحف آخر من الزواحف - إذا كانت من الزواحف - ولا بد أن تكون كذلك؛ لأن لها شعرا أشعث وعيونا زرقاء، كما أنها تبدو مثل الزواحف، ولكن ليس لها أرداف، وهي مسلوبة الشكل تشبه الجزر، وعندما تقف تشد نفسها مثل الرافع؛ ولهذا أعتقد أنها من الزواحف.
لقد شعرت بالخوف في بادئ الأمر، وأخذت أعدو كلما رأيت «التجربة» قريبة مني؛ لأنني كنت أظن أنها ستطاردني، ولكن ما لبثت أن اكتشفت أنها تحاول الابتعاد عني؛ ولذلك لم أعد أشعر بخوف أو استحياء منها بعد ذلك، وأخذت أقتفي أثرها عدة ساعات وأنا على مسافة عشرين ياردة منها؛ مما جعلها حزينة عصبية المزاج.
وأخيرا ظهر على «التجربة» بعض القلق، فتسلقت إحدى الأشجار وانتظرتها طويلا حتى شعرت بالملل؛ فعدت إلى بيتي.
واليوم حدث نفس الشيء فقد هربت مني إلى أعلى الشجرة.
অজানা পৃষ্ঠা