محتشمي زايد
علوان فواز محتشمي
رندة سليمان مبارك
محتشمي زايد
يوم قتل الزعيم
يوم قتل الزعيم
تأليف
نجيب محفوظ
محتشمي زايد
نوم قليل، وفترة انتظار ثملة بالدفء تحت الغطاء الثقيل. النافذة تنضح بضياء خفيف، ولكنه يتجلى بقوة في ظلام الحجرة الدامس، اللهم إني أنام بأمرك، وأصحو بأمرك، وإنك مالك كل شيء. ها هو أذان الفجر يفتتح يومي الجديد، ويسبح في بحر الصمت الشامل هاتفا باسمك. اللهم عونك لهجر حنان الفراش، والخروج إلى قسوة برد هذا الشتاء الطويل. حبيبي يغط في نومه في الفراش الآخر؛ فلأتلمس طريقي في الظلام أن أوقظه. ما أبرد ماء الوضوء! ولكني أستمد الحرارة من رحمتك. الصلاة لقاء وفناء. من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه. كل يوم لا أزداد فيه علما يقربني إلى الله فلا بورك لي في شمس ذلك اليوم. أنتزع نفسي من تأملاتي أخيرا لأوقظ النيام. أنا منبه هذه الأسرة المرهقة. حسن ألا تخلو من نفع وأنني في هذا العمر؛ طاعن في السن متين الصحة بفضل الله. لا بأس أن أضيء المصباح الآن، وأنقر باب الحجرة بأصبعي هاتفا: «فواز.» حتى أسمع صوته وهو يقول: «صباح الخير يا أبي.» أرجع إلى حجرتي وأضيء مصباحها أيضا، فأرى حفيدي مستغرقا في نومه لا يبدو منه إلا وسط وجهه بين حافتي الغطاء والطاقية. ما باليد حيلة، علي أن أخرجه من دنيا الراحة إلى الجحيم، وأهمس بقلب مفعم بالعطف عليه وعلى جيله: «علوان .. اصح.» ويفتح عينيه العسليتين، ويتثاءب، ويقول باسما: «صباح الخير يا جدي.» ويعقب ذلك حركة أقدام، ونشاط ألسنة، وحياة تدب ما بين الحمام وحجرة السفرة، وأستمع إلى قرآن الصباح في الراديو حتى تناديني هناء زوجة ابني: «السفرة جاهزة يا عمي.» أهم ما بقي لي في مسرات الدنيا الطعام. ما أكثر نعم الله في دنياه! اللهم جنبني المرض والعجز، لا أحد ثمة للعناية بالآخرين، ولا فائض مال للتمريض. الويل لمن يسقط. يجمعنا في الصباح المدمس وحده أو الطعمية، هما معا أهم من قنال السويس. سقيا لعهد البيض والجبن والبسطرمة والمربى، ذلك عهد بائد، أو ق.ا. أي قبل الانفتاح. الأسعار جنت، كل شيء قد جن. ما زال فواز مائلا للبدانة، وهو يستعين بالخبز، ومثله هناء، ولكنها تسرع نحو الكبر قبل الأوان. ابن خمسين يبدو اليوم كأنه ابن ستين. وقال فواز بصوته الجهير: سنعمل أياما صباحا ومساء بالوزارة، فأضطر إلى الانقطاع عن الشركة.
অজানা পৃষ্ঠা