قالت سيرينا: أكلت حيوانا؟! كيف؟! - نذبحه ونطبخه ثم نأكله، ونشرب مرقه.
وصفت النسوة ذبح الحيوان بالوحشية. أما هو فكان يتساءل في نفسه: «ترى لو عرفن أن في عصره يذبح الإنسان أيضا باسم الرب!» ضحكن. أخبرته فرضانا بأنه رجل مسل، وأن الذي يظنه لحما حيوانيا هو فطر بروتيني.
12
تناولوا عشاءهم، ثم جلسوا يتناولون حليب الصويا، محلى بعصير العنب من مزارع الربع الخالي، وجده مروان خمرا، لكنه لا يذهب العقل. عرف أنه لم يعد هناك وجود للحيوانات والطيور، وأنها انقرضت منذ زمن بعيد، تساءل في نفسه: «ماذا تقول هؤلاء النسوة عن الحيوانات، كيف انقرضت؟!» وعرف أيضا أن الشريك لا يستطيع أن ينفصل عن شريكاته من النسوة إلا بموافقتهن جميعا، وأن هناك ديمقراطية حقيقية، تسود فيها الأنثى.
سألته ريحانة كيف عاش 560 سنة، وأين كان مختفيا طوال هذه المدة؟ وكيف أتى إلى منزلهن خفية؟! أمر حقا حيرهن جميعا! صمت مروان قليلا، ثم قال: «حتى أنا في حيرة من أمري، كيف أتيت إلى هذا العالم؟ هل أنا في حلم أم في علم، لست أدري ؟!» اقتربت ريحانة منه وقبلته في فمه، واعتصرت شفتيه بقوة، وسألته: «هل أنت في حلم الآن؟»
أخبرهن مروان أنه وجد نفسه في هذا العالم، بعد انفجار قذيفة بجوار منزله في «فج عطان»، لم يشعر بعدها إلا وهو في البستان الذي ظنه الجنة. سألهن عما أدهشه في البستان وعن الرائحة العطرية في جو المدينة، وكيف قدم لهن الشراب والفاكهة في البستان، دون أن يرى أحدا يقدم ذلك، وعن المركبة التي ظهرت فجأة، وعن الرجل الذي يطول ويقصر وهو يجمع الثمار، واقتلع شجرة قديمة ضامرة، وعن المدينة كيف تغير لونها من وقت لآخر، وأنه كان يظن أنه في عالم الجن، وأحيانا يرى أنه يحلم، وضحكن حين أخبرهن: «كيف أصبح له جسد؟!»
اقتربت سناء منه، وراحت تخبره أنه لم يعرف إلا القليل عن هذا العصر، وبما حيره في البستان: أما الرائحة العطرية فهي روائح الأشجار المعدلة وراثيا، وهي موجودة في كل مكان. أما ذلك الرجل الذي شاهدته يجمع الثمار فهو هيوموروبوت، كان يرتدي بدلة التخفي وهو يقدم لهن الفواكه، يتواصلن معه ذهنيا. قامت سناء من جواره وذهبت إلى الغرفة، وحورياته ينظرن إليه بصمت. بعد بضع دقائق، شعر مروان بكف يمسح على صدره وعلى خده دون أن يرى من يقوم بذلك، فقام من مكانه، والنسوة تضحك، وهو يقول: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم!» هناك روح تعبث بي، أظنها أتت إلى هذا العالم مثلي، ثم أظهر شجاعته يهتف: «هيا، اظهري أيتها الروح!» أحس بقبلة على خده الأيسر، فتراجع إلى الخلف. كانت الأخريات يضحكن، وهو يسمع صوت سناء دون أن يراها، تقول له: «أنا أمامك». تقدم مروان واصطدم بها وهو لا يراها، فعاد إلى الوراء مرتبكا، وهي تقول: «لا تخف.» ثم ظهرت له أمامه فجأة، وهي تضحك. حينها رآها ترتدي بدلة تغطي الجسم كاملا، وأخذت تشرح له عن تلك البدلة .. جلس مروان مندهشا، يحدث نفسه: «ترى لو وجدت هذه التقنية في زماننا؟!»
13
أخبرته فرضانا عن المركبة وقدرتها على التخفي أيضا، وعن لون المدينة وكيف تغير لونها ثلاث مرات خلال اليوم، من لون إلى لون آخر، حسب درجة حرارة الجو. كان مروان يستمع لما كان يحيره سابقا، وتذكر ذلك الهيوموربوت الذي ضاجع النسوة في الشقة المجاورة. سألهن عن ذلك اللقاء؟! أخبرته ناريس، وهي مشتاقة للقائه: «هناك نساء شواذ وعانسات لم يجدن شريكا، فيضطررن إلى شراء ذلك النوع من الهيوموروبوت، يؤدي الغرض كالرجل في العصر الهمجي.» ضحك مروان وقال لهن: «نعم لقد شاهدت ذلك! حينها شاهدت طيفا يتحدث عن متحف التراث الروحي للهندوس، وتعدد الآلهة عند الشعوب.» سألته فرضانا: «وهل شاهدت الثورات التي قامت ضد تلك الديانة، التي فيها أتباعها يعبدون إلها واحدا؟» رد مروان قائلا بأنه شاهد ذلك مع الدكتورة. سألته مريانا: وهل في زمانكم من دعا إلى توحيد الأديان؟ - سمعنا عن قصيدة للشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي، قال فيها:
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
অজানা পৃষ্ঠা