ولكن البعض قالوا إنها مجنونة، وقد قالوا هذا لأنها كانت تتصرف بحرية تامة في جميع أعمالها.
أما أنا فقد كنت أنظر إليها نظرتي إلى شيخة طاعنة في السن مع أنها كانت فتاة في ميعة الشباب؛ لأنني رأيت حصادا في أزهارها وأثمارا يانعة في ربيعها.
فقد ولدت ونشأت بيننا، غير أنها كانت في قريتنا كأنها غريبة من بلاد الشمال، وكانت في عينيها دائما دهشة الغريب الذي لم يتعرف إلى وجوهنا بعد.
وكانت لها نفس العجرفة التي عرفت بها ميريام القديمة التي خرجت مع شقيقها من النيل إلى البرية.
ثم خطبت مريم ليوسف النجار.
وعندما حبلت مريم بيسوع كانت تتمشى بين التلال وترجع عند المساء وفي عينيها جمال فتان وألم عميق.
وعندما ولد يسوع أخبرتني إحدى الصديقات أن مريم قالت لأمها: أنا لست إلا شجرة لم تقلم أغصانها بعد، فانظري أنت في هذه الثمرة، وقد سمعت هذا القول مرتا القابلة.
وبعد ثلاثة أيام ذهبت لزيارتها، فإذا هي منذهلة العينين مرتجفة الصدر، وقد طوقت بكرها بذراعيها كما تطوق الصدفة درتها الثمينة.
جميعنا أحببنا ابن مريم، وكنا نراقبه بعيون المحبة لأنه كان ممتلئا بقوة الحياة والنماء.
مرت الفصول وتقضت الأقمار، فصار الطفل صبيا كثير الضحك واللهو، ولم يعرف أحد منا ماذا سيصير إليه هذا الصبي لأنه كان يبدو للجميع كأنه من غير جنسنا. ولم يجسر أحد على توبيخه قط مع أنه كان كثير المغامرة وافر الشجاعة.
অজানা পৃষ্ঠা