واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى (طه: 22) ثم:
اذهب إلى فرعون إنه طغى (طه: 24). وقد أجاب موسى على خالقه ونفذ كل هذه الأوامر على الفور، أي أنه فهم تماما اللغة التي نودي بها، بل إنه أجاب على الله بالكلام فقال من بين ما قال:
قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى (طه: 18)، كما توجه إلى ربه بالرجاء في الآيات من 25 إلى 35.
وإذا أعملنا عقلنا لوجدنا أن هناك احتمالين من الصعب أن يكون لهما ثالث وهما:
إما أن يكون الحوار مع موسى باللغة الوحيدة التي يفهمها وهي المصرية القديمة.
أو أن يكون الله قد أوحى إليه المعاني دون اللجوء إلى لغة معينة.
لكن المنطق يقول إن موسى حتى في الحالة الثانية قد تحدث بلغته الأم وهي المصرية القديمة.
وفي كل الأحوال فإن العبرة أن الله تحدث إلى موسى بأسلوب يفهمه ويدرك معانيه، ولو تحدث إليه بالعربية مثلا؛ لما فهم وما استطاع أن يطيع الأوامر. •••
وقد لعبت اللغة منذ فجر التاريخ دورا محوريا في نسج الضمير الجماعي للمجتمعات، لكنها ظلت أداة استخدام داخلية أي بين أبناء المجتمع الواحد الذين يتحدثون نفس اللغة . فكانت أهمية اللغة كبيرة في تماسك المجتمعات وربطها بهيكل بنيوي واحد في أسلوب التفكير. ولم تكن المجتمعات في السابق متداخلة، ولم يكن السفر والتنقل متاحين بسهولة كما هو الحال اليوم؛ فظلت لغة كل مجتمع هي التي تتسيد وحدها الفضاء الجغرافي الذي يضم كل أفراده. وكان أبناء المجتمع الواحد لا يعرفون إلا لغة واحدة للتفاهم، ولا يدور بخلدهم أن يتعلموا لغة أخرى، إلا باستثناءات نادرة.
أما اليوم فقد تغيرت الصورة جذريا، وأصبحت اللغة أداة تفاهم بين المجتمعات المختلفة. ولم يعد من الممكن في بداية القرن الحادي والعشرين على أية دولة في العالم أن تعيش يوما واحدا دون الاتصال بدولة أخرى تتحدث لغة مختلفة عنها.
অজানা পৃষ্ঠা