على أنني حين استعملت كلمة «فشل» لم أكد أخرج بها عما اصطلح عليه الأولون.
فقلت: «يحاول الغلبة من حيث فشل.» ولو جعلت «فشل» هنا بمعنى ضعف لكانت مقابلة للغلبة أحسن مقابلة.
وقلت: «ولا طائل في البحث عن علة هذا الخذلان الصريح، أكان هو الطمع في الملك بعد فشل علي، أم النقمة على الأشتر؟» فلو أنك قلت بعد «ضعف» علي لاستقام هنا التعبيران القديم والحديث.
وكذلك قولنا: «مني بالفشل؛ لأنه عمل بغير ما أشار به أصحابه الدهاة.» فإن التعبيرين فيه يتلاقيان.
كذلك قولنا: «ولكنها خطة سلبية لا يمتحن بها رأي ولا عمل، ولا ترتبط بها تجربة ولا فشل.»
فليس لمتزمت قديم أن ينكر موقع هذه الكلمة في حيث وضعناها من هذه العبارات كلها، وإن كنا مع هذا لا نحرم إطلاقها على معنى الإخفاق الذي لا يحتمل تأويلا بمعنى آخر؛ وكل ما ننكره أن تأتي بكلمة «فشل» فتطلقها على معنى القوة والنجاح، أو معنى يناقض الضعف والتراخي المقصودين بها قديما؛ أو أن تأتي بهذه الكلمة فتضعها على لسان علي بن أبي طالب، أو رجل في زمان سابق لزماننا الذي أعارها ما نفهمه منها الآن على الشيوع والتواتر.
وليس الخطأ في تجديد المعاني على حسب العصور؛ لأنه سنة لم تفلت منها كلمة في لغة من اللغات إلا وهي على موعد من تجديد يأتي بعد حين.
إنما الخطأ هو إنكار هذه الحقيقة، وهي تصادفنا في كل ما نقرأ ونكتب بالعربية وبغير العربية.
ونحن على طريق السلامة ما أبحنا مبصرين وتزمتنا مبصرين، وحينئذ لا نكون إباحيين ولا متزمتين؛ بل نجري على السواء الذي نسلكه مهتدين.
الفصل الرابع عشر
অজানা পৃষ্ঠা