يروي أبناء البلد قصة طريقة عن الكلب الرومي والكلب البلدي اللذين اصطحبا على الخير والشر، وذهبا إلى سوق الجزارين يبغيان الرزق من وراء الأوضام والسواطير.
ذهبا أولا إلى سوق الروم، فإذا الحواجز قائمة على الدكاكين، وإذا هي لا تبيح مدخلها لإنسان ولا حيوان بغير حساب، وإذا العظام فيها توضع حيث تصان من الخطف والاختلاس.
وقال لهما صاحب الدكان: «إكسوا.» فخرجا محرومين جائعين، وطافا النهار على الدكاكين ولم يظفرا بغير «إكسوا» التي يعقبها نذير الخطر، أو بالقليل من العظم المنبوذ الذي لا خير فيه.
ثم أصبحا من الغداة على سوق أبناء البلد، فلم يحجزهما حاجز عن اللحم والعظم، ولم يلبثا هنيهة حتى أصابا الشبعة من اللحم والعظم بغير نصب، وسرهما أن يسمعا صاحب الدكان يقول لصبيه: «ناوله.» ويشير إلى الكلب الرومي الذي أوغل في داخل الدكان بغير مبالاة لاغتراره بقلة الحواجز والحراس، فحسبا أنها مناولة إكرام وضيافة تغنيهما عن التسلل والاختلاس، وانتظرا هذه المناولة انتظارا غير طويل؛ لأن الكلب المسكين لم يشعر بعد ذلك إلا بضربة من الساطور أوشكت أن تقصم صلبه، وانطلق يعوي على غير هدى، وهو يقول لصاحبه الذي طفق يناديه ويستعيده: لا لا يا صديقي «عشرة إكسوا ولا واحد ناوله ...»
والدجالون أعداء الديمقراطية قد لبثوا سنين عدة وهم يرفعون العقائر بحرب البطالة، وهم يزعمون أنهم خلقوا عملا لكل مستطيع؛ لأنهم أداروا معظم المصانع على صنع الدبابات والمدافع والطائرات وأدوات الهلاك .
وانظر أيها العالم الذاهل ... لقد هبط عدد العاطلين من ثلاثة ملايين إلى مليون!
وانظر مرة أخرى، لقد هبط العدد من مليون إلى مئات قليلة من الألوف؟
وانظر مرة أخرى، لقد خلص الوطن من العاطلين أجمعين، وزاد على ذلك أن استدعى إليه الملايين من عمال الأجانب المسخرين.
ثم أفاق العالم من ذهوله على أضعاف أولئك العاطلين مقتولين ومجروحين ومشوهين، ولن تنقضي مدة حتى تنجلي الهزيمة على أضعاف أضعافهم من المساكين عالة على أوطانهم وعلى العالم كله عدة سنين.
وهذه هي «المناولة» التي يحسنها الدجالون من أعداء الديمقراطية، ويسمونها علاجا لمشكلة الأرزاق، وتسوية بين الطبقات، وليست هي من ذلك في كثير ولا قليل.
অজানা পৃষ্ঠা