وقلنا: مالم يبلغ الحال به حد الإلجاء نحترز به عما يبلغ هذا الحد نحو مشاهدة الجنة والنار، فإن ذلك لا يكون لطفا، ويمكن أن يقال إن قولنا: ما يدعوا المكلف يخرج الملجأ؛ لأنه ليس مكلف، وإن أمكن أن يجاب عن هذا بأن يقال: إنه ابتدأ الدعاء كان مكلفا، وفيه نظر، ونعترض هذا الحد بأن من فعل الواجب، وترك القبيح لمنفعة دنياء، وبه نرجوها أو للمقرب إلى الإمام، أو إظهاره التدين له لجلب نفع أو دفع ضرر أن يكون ذلك لطفا، ومعلوم أنه ليس بلطف، فالأولى أن يقال: هو مايدعو المكلف إلى فعل ما كلف فعله، وترك ما كلف تركه أو إلى أحدهما؛ لأجل أنه مكلف بذلك.
ويحترز بقولنا لأجل أنه كلف بذلك عن الملجأ، وعمن يفعل، ويترك لأجل ماوعد به، أو توعد عليه.
وأما أسماؤه، فهو يسمى لطفا ومصلحة وصلاحا وأصلح، أما تسميته لطفا، فهو مأخوذ من اللطف في اللغة، وهو ما نفعل أو نترك عنده، وتكون أقرب إلى الفعل أو إلى الترك، وسمي صلاحا أو مصلحة لما كان يحصل لأجله صلاحا المكلف.
وقوله: أصلح، وقوله: أصلح، يحمل على أحد أمرين:
أحدهما: أن يكون مراد أنه لا شيء يكون يقوم مقامه، ويجري مجرى قولنا في الله تعالى أنه أكبر، وليس المراد المفاضلة بينه وبين غيره.
والثاني: يحمل على أنه أنفع للمكلف من حيث يريد به إلى [47ب] منافع الدنيوية، فتكون على الوجه الأول لا أصلح سوا، وكقولنا: لا أكبر سوى الله تعالى.
وأما الموضع الثاني: وهو قسمة اللطف، فله قسمان: قسمة بإعتباره في نفسه، وقسمة بإعتبار وجوبه أو......
أما قسمته باعتباره في نفسه، فهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام: لطف توفيق، ولطف عصمة، ولطف مطلق، ولكل واحدة من هذه الأقسام حقيقة.
أما لطف التوفيق في اللغة، فهو مأخوذ من هذه الموافقة.
وأما الاصلاح فهو ما يفعل المكلف الطاعة عنده لأجله ما لم يبلغ حد الإلجاء.
পৃষ্ঠা ৮৫