الطريقة الثالثة: وهي ما تجري مجرى العلة، مثل ما يقول من أنه لا يصح وقوع الأفعال من الواحد منا على وجه مختلفة من كون كلامه أمر أو خبر او نهيا أو تهديدا إلا متى كان مريدا، فإذا علمنا أن الأفعال وقعت من الباري تعالى على تلك الوجوه المختلفة وجب أن يقضي أن يكون مريدا وإلا عاد على علمنا في الشاهد من أن الفعل لا يقع على هذه الوجوه إلا بكونه مريدا دون غيره بالنقض والإبطال وهاهنا أصل وفرع، وعلة وحكم، فالأصل عهو الواحد منا، والفرع هو القديم تعالى، والعلة وقوع الأفعال على وجوه مختلفة، والحكم كونه مريدا فإذا كان الفرع وهو القديم تعالى قد شارك الأصل وهو الواحد منا في العلة وهي وقوع الأفعال على وجوه مختلفة وجب أن يشاركه في الحكم، وهو كونه مريدا وإنما لم يسم هذه الأفعال بأنها علة الحكم؛ لأن كونه مريدا هو المريد في وقوع الأفعال على الوجوه المختلفة فلم يحسن التجوز؛ لأن وقوعها عليها علة في كونه مريدا وتعد الشبه كما ذكرنا في طريق الحكم ولم يسمها أيضا بأنها طريقة الحكم؛ لأن وقوع الأفعال على الوجوه المختلفة ليس بطريق في الشاهد إلى كون أحدنا مريدا بالإضرار إلى ذلك عند طرائق الأحوال، فلذلك لم يسمها طريقة الحكم وإن كانت طريقة إليه في الغائب بخلاف صحة الفعل فإنه طريق إلى كونه قادرا شاهدا على وغائبا فخص بأنه طريقه الحكم، وسمينا هذه بأنها تجري مجرى العلة لوجوب كونه مريدا عند وقوع الأفعال على الوجوه المختلفة فتجري مجرى العلة من هذه الوجوه فإن قيل إذا كانت هذه العلة قد أشبهت الطريقة الأولى من وجه وأشبهت الثانية من وجه، فلم قلتم ما يجري مجرى العلة ولم تقولوا ما يجري مجرى الطريقة مع استوائهما.
পৃষ্ঠা ২১৩