من جعل الخبرين المتقدمين قرينة كاشفة، بتقريب ما ذكر - إن تم - وأما ما عداه من الامور المذكورة فليس شئ منها صالحا له.
نعم نص أهل اللغة في نفسه دليل محكم، غير أن حاله في خصوص المقام كما عرفت، إلا على ما أشرنا إليه أيضا من استظهار كونهم فيما نصوا به معتقدين بثبوته عن قديم الأيام.
وقد شاع الاستدلال على أصل المطلب بعد الفراغ عن الاستدلال بالكتاب الاستدلال بجملة من الأخبار، فعلى كون الماء طاهرا، بما رواه المشايخ الثلاث بأسانيدهم عن الصادق (عليه السلام) قال: " الماء كله طاهر ما لم تعلم أنه قذر " (1)، وعلى كونه مطهرا، بما تقدم من رواية داود بن فرقد عن الصادق (عليه السلام) قال: " كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة من بول " إلى آخر ما تقدم ذكره (2)، وهذا كما ترى في محله.
وربما يكثر الاستدلال بما في الكافي عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): الماء يطهر ولا يطهر " (3).
وقد يعلل الفقرة الثانية: بأنه إنما لا يطهر لأنه إن غلب على النجاسة حتى استهلكت فيه طهرها ولم ينجس حتى يحتاج إلى التطهير، وإن غلبت عليه النجاسة حتى استهلك فيها صار في حكم تلك النجاسة، ولم يقبل التطهير إلا بالإستهلاك في الماء الطاهر، وحينئذ لم يبق منه شئ، كذا عن الوافي (4).
وفيه: ما فيه كما يظهر بأدنى تأمل.
وأورد عليه: بأن قليل الماء إذا تنجس كان تطهيره بالكثير من الجاري والراكد، فلم يصدق أنه لا يطهر.
فدفع: بأن المراد يطهر غيره ولا يطهره غيره.
وقد يوجه أيضا: بأنه يطهر كل شئ حتى نفسه، ولا يطهر من شئ إلا من نفسه، فيعلل: بأن التعميم في الأول أولى، ثم يقال: وقد يخطر بالبال أنه يمكن أن يستدل بهذا
পৃষ্ঠা ৫০