319

قد كان السلطان يمين الدولة وأمين الملة بعد انكشاف عسكر «6» [179 أ] الترك عنه يراعي ما يسفر عنه تدبير أيلك الخان، وأخيه الكبير طغان خان، إذ كان أخوه يمالى ء السلطان عليه لأيمان يزعم أخيه لزومها إياه، ومواثيق يدعي انعقادها عليه، ويظهر البراءة على ألسنة رسله من فعلات أخيه «7» أيلك في منابذته ومكاشفته، والتخطي إلى حدود مملكته. ويورك «8» أيلك «9» الذنب عليه في إغرائه بما أتاه، ومكاتبته في البعث على ما جناه. ولما ظهر لأيلك أن أخاه طغان خان قد جعله عرضة للجناية، وقلده طوق تلك المكاشفة براءة منه «10»، وخذلانا إياه، وشقا لعصاه، وإسلاما له بما كسبت يداه، رأى أن يبتدى ء به، فيحسم داء قرابته، ويغسل بسيفه وضر جنايته. فجمع جيوش ما وراء النهر لقصده، واستدفاع مكره «1» وغدره. وسار حتى إذا جاوز أوز كند نحوه، سقطت ثلوج سدت عليه مسالك العقاب المفضية إليه، فارتد عن وجهه إلى قابل «2»، حتى طاب الهواء، وانحسر الشتاء، وخفت «3» الأنداء، فكر عائدا على ثأره، لفت المشير موهنا بناره «4». وكان ورد رسلهما في التنازع الذي تقدم ذكره، فتراجعا القول في البراءة عن جناية العبور، وإحالة بعضهم على بعض في نقض [179 ب] المواثيق والعهود، فخلاهم السلطان في لغط «5» القول، حتى وصلوا بحر النفار «6» إلى برد الاشتفاء. وأراد السلطان يمين الدولة وأمين الملة بعد ذلك قراهم، فأمر بتعبئة جيوشه، وتغشية فيوله، فرتب العسكر سماطين عن جنبتيه في هيئة لو رآها قارون، لقال: يا ليت لي مثل ما أوتي محمود، إنه لذو حظ عظيم.

পৃষ্ঠা ৩৩০