وقد كان فائق عدل إلى طوس يكاتب الأمير سبكتكين مداهنا، ويطمعه في الانحياز إليه مهادنا، فتلقى «5» وجهه بمثاله «6»، وكال عليه مثل مكياله. وتكفأ «7» أميرك الطوسي- أحد الأمراء التاروذية «8» - لأبي علي بين الطاعة والمناعة «9»، والموافقة والمنافقة «10»، يقدم رجلا للورود، ويؤخر أخرى للقعود، فأرسل أبو علي أبا القاسم الفقيه إليهما للاستماله، وتحذيرهما قدم الضلالة، فنهض إليهما وأخذ له الميثاق عليهما، وكتب إليه يستعجله اللحاق بهما، فسار أبو علي «1»، وتلقاه فائق وأميرك بناحية الطابران «2»، فاتفقت كلمتهم على التظاهر [63 أ] والتضافر. وخلصت نياتهم في التساعد والترافد، واختاروا معسكرا بقرب أندرخ «3» فخيموا به.
وقد كان أبو القاسم- أخو أبي علي- قد عتب عليه لعدوله بولاية هراة، وثمرات أعمالها عنه إلى إيلمنكو غلامه، وتقصيره به فيما كان يخطبه ويقترحه عليه من أمثالها، على وفائه له، وولائه إياه، [والتزامه حكم] «4» المشاركة «5» له في كل ما نابه وعراه، فتقاعس عنه عند نهضته من نيسابور اعتلالا عليه ببقية من أشغاله، حتى إذا تنفست مدة ارتحاله آيسه من وصوله ووصاله، أحوج ما كان يدعوه «6» إلى عونه ونضاله، فزاد ذلك في انخذاله، وكسوف باله.
وحث الأمير سبكتكين تلك الخيول في قصد أبي علي حتى أناخ بطوس مقابلا لعسكره، [وذلك لعشر بقين من جمادى الآخرة سنة خمس وثمانين وثلثمائة] «7»، فثار فتيان الخيول، وشبان الجنود، إلى التطارد والتجالد، فبقوا على ذلك سحابة يومهم. فلما قبض الليل مسافة أبصارهم، عادوا إلى مضاربهم.
পৃষ্ঠা ১২১