[120]
حدثني عبد الله بن محمد بن أحمد بن المدبر، قال: سمعت جدي أحمد بن المدبر يقول:
كنت أتقلد مجلس الأسكدار في ديوان الخراج، وكانت نفسي تنازعني على أشياء لم تكن تنالها، وكنت أرفع نفسي عن التعرض لكسب الحسيس، فلما خرج المأمون إلى بلاد الروم، سألني جعفر الخياط الخروج معه، لأكتب بين يديه، ففعلت على كره من أبي لذلك، وجهد ألا أخرج فلم أطعه، فدفع إلى بعض إخوانه الذين يثق بهم، من حيث لا أعلم، خمسة آلاف درهم، وقال له: تكون هذه الدراهم معك من حيث لا يعلم بها أحد، فإن اختلت حاله، أو رأيت به خصاصة، عرضت عليه القرض، وأسلفته حسب ما تراه صوابا، على حسب ما تشاهد من حاله، قال: فكنت يوما بين يدي جعفر أعمل، حتى دخلت عريب الكبيرة إليه، وكنت قد اكتملت، فنظرت إلي، فأطالت النظر، وكنت غلاما، فقالت لجعفر: من أين لك هذا الطير المراري؟ فاستحييت وخجلت ونهضت، وخرجت عريب، فدعاني جعفر، فقال: لعل ما كلمتك به هذه العيارة قد غمك. وأمر لي بعشرة آلاف درهم، وما كنت رأيتها مجتمعة قط في ملكي، فخرجت وما أعقل فرحا، فاستبدلت بدابتي، واشتريت بغلا يركبه غلامي خلفي، فلما كان بعد أيام لقيني ذلك الصديق، الذي كان أودعه أبي الدراهم، فسألني عن خبري ورأى أثر حسن حال، فشرحت له أمري، فخبرني بخبر المال الذي دفعه إليه أبي، وقال: ما لمكانه الآن عندي وجه، فوجه به إلي، فرأيت حين جاءني أني في ذلك العسكر أجل من المأمون، وكان ذلك أول مال اعتقدته، ثم أتانا الله بما نحن فيه، ولم يكن لذلك سبب غير كلمة عريب.
وكان يحيى بن خالد يقول: التعزية بعد ثلاث تجديد للمصيبة، والتهنئة بعد ثلاث استخفاف بالمودة .
وكان يحيى يقول: الناس يكتبون أحسن ما يسمعون، ويحفظون أحسن ما يكتبون، ويتحدثون بأحسن ما يحفظون.
وكان يحيى يقول: رسائل المرء في كتبه أدل على مقدار عقله، وأصدق شاهدا على عيبه لك، ومعتقده فيك، من أضعاف ذلك على المشافهة والمواجهة.
পৃষ্ঠা ২২১