ذلك اليوم ترد الخلع السلطانية والمرسوم المتضمن بقاء الولاية والوصاية
~~على الرعية والحجاج وتأخير أمين الصرة بذلك عن وقته المعهود وتعدى الحدود؛
~~فحينئذ أرسل الشريف سعد في طلبه فوجده عند الباشا المذكور وبعثوا يطلبونه
~~من عندهم للبسه وكان مرادهم اقتناصه من أبناء جنسه؛ فأرسل يعرفهم أن
~~القواعد جرت بأن يأتيهم به إليه فمنعوه وشحوا به عليه؛ فعلم الشريف القضية
~~وأيقن أنه لا بد من القتال فترك ذلك حرمة للزمان والمكان ورأى أن القتال في
~~هذا الشهر الشريف مما يضر بأهل التعريف وارتحل هو وأخوه الشريف أحمد ليلة
~~الاثنين الثالث عشر من ذي الحجة المذكور إلى الطائف ثم إلى تربة ثم إلى
~~بيشة ثم سار منها إلى بلاد عديدة إلى أن اجتماعا ووصل الديار الرومية وقابل
~~الدولة العلية وبقيا هناك؛ فلما أصبح الناس يوم الثاني عشر منه شاع بين
~~الناس ارتحال الشريف سعد وأخيه أحمد فاجتمع حسين باشا وأمين الصرة في بيت
~~الشيخ محمد بن سليمان بمنى واستدعوا جماعة من الأشراف منهم الشريف بركات بن
~~محمد بن إبراهيم بن بركات بن أبي نمي فأظهر الباشا أمرا سلطانيا بتولية
~~المذكور فألبسوه خلعة الولاية، ثم إنه نزل من منى في موكب عظيم إلى مكة
~~وجلس كهيئته في دار أبيه المعروفة به واستمر في ولاية مكة عشر سنين وعدة
~~أيام إلى أن توفي ليلة الخميس في التاسع والعشرين من ربيع الثاني سنة ثلاث
~~وتسعين وألف، ودفن بجوار الشيخ النسفي بوصاية منه، وقد ترجمه العلامة
~~المحبي في تاريخ "خلاصة الأثر".
فولي مكة بعده ابنه الشريف سعد بن بركات وألبسه قاضي مكة خلعة الاستمرار
~~بموجب الأمر السلطاني الذي بيده المتضمن كونه ولي عهد أبيه بعد يوم وفاة
~~أبيه، ولم ينازعه أحد في ذلك، ثم ورد التأييد السلطاني بذلك أيضا وبقي إلى
~~سنة خمس وتسعين وألف.
فولي بعده السلطان إمارة مكة للشريف أحمد بن زيد من الأستانة؛ لكونه كان
~~موجودا هناك وسار إليها كما تقدم مع أخيه الشريف سعد، ثم دخل هو مكة في
~~سابع ذي الحجة من سنة خمس وتسعين وألف، وتوجه الشريف سعيد بن بركات إلى مصر
~~وتوفي بها، استمر الشريف أحمد إلى سنة تسع وتسعين "بتقديم التاء فيهما"
~~وألف وتوفي يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى من العام المذكور.
فولي مكة الشريف سعيد بن سعد بن زيد وهي المرة الأولى من إمارته؛ حتى ورد
~~الشريف أحمد بن غالب مكة ومعه أمر سلطاني بإمارة مكة له في ثاني شوال من
~~السنة المذكورة وجلس للتهنئة وحصل التنافر بينه وبين الأشراف فنودي بالطائف
~~وحده للشريف محسن بن حسين بن زيد فدخل مكة وخرج الشريف أحمد بن غالب بعد
~~عشرين يوما منها، وجلس للتهنئة يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من رجب سنة
~~ألف ومائة
পৃষ্ঠা ৩৬৭