وانخرط في الجيش ضباط من مودينه ولمبارديه ومعلمين من جامعة نابولي وكان المجلس النيابي نفسه يحتوي على رجال سياسة من جميع أنحاء إيطالية، وكان البعض منهم في الوزارة نفسها.
الارتجاع
طغت موجة من الارتجاع على جميع إيطالية، وكانت شديدة الوطأة في روما ونابولي، وخفيفة في الأقطار الأخرى، وأعطى الإفرنسيون روما إلى البابا الذي كان يعتقد بأن مستقبل الكنيسة يتوقف على استمرار تمتعه بالسلطة الزمنية، وكانت صدمة تلك الثورة القومية قد أفزعته فما دخل روما حتى تخلى عن ميوله السابقة للحرية؛ ليحيي عهد جرجوار بكل فظاعته.
وكان المتعصبون من رجال الدين الذين اجتذبوا البابا إلى جانبهم؛ حريصين على الانتقام، ومتلهفين للقضاء على كل ما تم في السنوات الأخيرة الثلاث.
لقد احتج مائتان وستون مجلسا من مجالس النواحي - بما فيها جميع المدن المهمة بين روما ووادي بو - على استعادة السلطة الزمنية، وأيقن وكلاء البابا في الروماني أن إعادة الحكومة في الولايات لن تتم إلا بمساعدة الحامية النمسوية، فحالما كان النمسويون ينسحبون من مدينة يسارع أهلها إلى ركز شعار الجمهورية.
وكان الإفرنسيون قد اطلعوا تماما على هذه الحالة الروحية، فأخذوا على عاتقهم حماية المؤسسات الحرة، وكان أكثر الأعضاء اعتدالا في وزارة روما وقتئذ يريد ذلك، وكان أودينو القائد الإفرنسي، قد اتخذ أشد التدابير لمنع الجمهوريين من رفع رءوسهم واشترك المعتدلون في الحكومة ومنحت جوازات السفر بلا عائق، فحصل عليها آلاف من الناس؛ بغية الخلوص من نقمة البابا، الأمر الذي أغضب الكرادلة الذين رافقوا البابا في جايته.
وأخذ البابا يتذمر من تسامح الإفرنسيين ولينهم وأصبح بلاط جايته يتشوق للتخلص من أصدقائه، ليلقي بنفسه في أحضان النمسة العطوف، ولما كان الإفرنسيون يريدون أن يجعلوا من البابا أداة مساومة ضد النمسا؛ فقد سارعوا لجلبه إلى روما تحت إشراف جيشهم، وأعلن أودينو إعادة سلطة البابا إليه في 14 تموز، وفي نهاية الشهر خول أودينو سلطاته إلى الكرادلة الثلاثة الذين أطلق عليهم اللجنة الثلاثية الحمراء.
وقد كان بين مظالمها الشديدة وبين اعتدال سلطة مازيني فرقا عظيما، وظهرت للميدان شرطة البابا ومجلس التفتيش وأخلي سبيل مجرمين السانفيديست وحلت الرشوة في المالية محل الإدارة الجمهورية الصالحة النزيهة، وكان مونتانلي قد عرض على ممثلي الدول الكاثوليكية في جايته مشروعا وعد إياها فيه برعايته الحكومات المحلية ومساعدة العلمانيين على الاشتراك في الوظائف بمقياس واسع، والقيام بإصلاح الإدارة والقضاء، وتأسيس مجلس دولة منتخب ولجنة استشارية خاصة بالشئون المالية، فلما طلب منه الممثل الإفرنسي أن يمنح اللجنة المالية سلطة تنفيذية بدلا من سلطة استشارية وحثه على عقد مجلس تمثيلي؛ أجابه مونتانلي فورا أن الحكم البرلماني لا يتفق مع حرية البابا الروحية.
وكان لويس نابليون قد أظهر مقته بكتاب أرسله إلى زعيم «كولونيل» في جيش الاحتلال الإفرنسي بتاريخ 18 آب هاجم فيه الكرادلة قائلا: «إن الجمهورية الإفرنسية لم ترسل إلى روما جيشا للقضاء على الحرية الإيطالية وإنما أرسلته لأجل تنظيم هذه الحرية وإنقاذها من الغلو.»
وفي الكتاب يقول بضرورة صدور عفو عام، وإقامة إدارة مدنية، والأخذ بقانون نابليون المدني، مشيرا بمرارة إلى الجحود الذي أنسى البابا الوفاء بتعهداته نحو فرنسة، وقد كتب لويس نابليون هذا المكتوب على مسئوليته ولم توافق الوزارة على إرساله إلا لاعتقادها بأنه لا ينشر.
অজানা পৃষ্ঠা