١ - أن الثناء على الصحابة قد تحقق في كتاب ربنا، وفي سنة نبينا محمد ﵌ وكذا على لسان العترة ﵈ (^١).
٢ - أن مقولة: (إن من الصحابة منافقين) كذبٌ، لأن المنافقين ليسوا من الصحابة حقيقة، والمنافقون كانوا معروفين للنبي ﵌ وأصحابه، إما بأعيانهم وإما بأوصافهم؛ لأن آيات القرآن قد بينت كل حركاتهم وسكناتهم، بل حتى خلجات نفوسهم.
وإذا أخذنا غزوة تبوك مثلًا، وهي من أواخر غزوات الرسول ﵌، نجد أن فيها بيانًا لحال المنافقين، فمنهم من تخلف عنها بأعذار واهية، أو بدعوى خشية الافتتان بنساء الروم وغيرها من الأعذار السَّمِجَة التي عادة ما يتعذر بها المنافقون حينما يكون هنالك جهاد في سبيل الله.
ومما يدل على أن المنافقين معلوم أمرهم وأنهم ليسوا من الصحابة، أن الله لم يذكر توبته عليهم ضمن من تاب عليهم من المؤمنين عامة، والثلاثة الذين خلفوا خاصة، قال تعالى:
﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾ [التوبة: ١١٧] إلى قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١١٨)﴾ [التوبة: ١١٨].
ومن الجدير بالذكر القول: إن آيات سورة التوبة قسمت أهل المدينة بعد غزوة تبوك إلى ثلاثة أصناف، ولم تتكلم عن طائفة رابعة، وهي التي أذِن لها النبي ﵌ بالتخلف أمثال الإمام علي وابن أم مكتوم، ونفر من الفقراء الذين لم يجدوا ما يستعينون به على الخروج.