============================================================
الباب الثاني في وجوب إحراز ما يمكن من الخير تغير معالم الدين وغلبة الهوي : اخواني : إني تدبرت أحوالنا في دهرنا هذا ، فأطلت فيه التفكر.. فرأيت زماتا مستعصبا قد تبدلت فيه شرائع الايمان، وانتقضت فيه عرى الاسلام، وتيرت فيه معالم الدين، واندرست الحدود ، وذهب الحق وباد أهله، وعلا الباطل وكثر أتباعه.
ورأيت فتنا متراكمة يحار فيها اللبيب .
ورأيت هوى غالبا، وعدوا مستكلبا، وأنفسا والهة، وعن التفكير حجوبة قد جللها الرياء(1) فعميت عن الآخرة: فالضمائر والأخوال في دهرنا بخلاف أحوال السلف وضمائرهم: ولقد بلغنا أن بعض الصحابة قال : لو أن رجلا من السلف الصالح أنشر من قبره، ثم نظر إلى قرائكم ما كلمهم . ولقال لسائر الناس: ما يؤمن هؤلاء بيوم الحساب: (1) الرياء: ملاحظة الغير في العمل سواء اكان منفصلا عن النفس - كملاحظة الناس - أم متصلا بالنفس- كملاحظة الخواطر والإعجاب بها وعلامة البراءة من الرياء : أن يستوي عند العبد العمل في الخلوة والملأ، ويستوي عنده الشواب والعقاب والقبض والبسط وغير ذلك من الأحوال:
পৃষ্ঠা ৬৬