============================================================
وقالت أخرى : هي التكائر والتفاخر .
قلت: فما صحة الجواب عندك ؟
قال : هوما وصفت لك من متاع ظاهرها وباطنها، على ما شرحته لك.
قلت : فما المحمود منها والمذموم ؟
قال : جملة ذلك كله : ما أخذت من الدنيا للدنيا فهي الدنيا المذمومة، وما أخذت من الدنيا للآخرة فهي الدنيا المحمودة . وذلك أن النبي قال : " من طلب الدنيا حلالا مكائرأ مفاخرا لقي الله وهو عليه غضبان، ومن طلبها استعفافا عن المسالة، وصيانة لنفسه، جاء يوم القيامة كالقمر ليلة البدر (2).
فإذا كان أخذه منها للتكاثر والتفاخر، وإقامة الجاء والقدر، والعلو والمباهاة، وجمع الفضول لخوف الفقر، فهي الدنيا المذمومة واذا كان أخذه لها من طريق المباح فيما لا بد منه، وفيه الفضل وصيانة الدين فهو من الدنيا، وليس بمذموم، كما قال النبي : "حبب إلى من دنياكم: النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة"(3) فهذا مما لا يضر، ولا ينقص من الزهد، ولا يسمى دنيا مذمومة. وانما ذم الله عز وجل من الدنيا فضولها، كما بلغنا عن عمر رضي الله عنه : آنه استعمل أبا الدرداء على حمص، فاتخذ كنيفا أنفق عليه درهمين فكتب إليه : (1) حديث من طلب الدنيا حلالا ، : أخرجه الطبراني عن جابر وابن عمر . وطلب الدنيا للاستعفاف وصيانة النفس من السنة، وهو طريق السلف الصالح . وقد روي أن سفيان الثوري أخذ بيده دنانير وقال : لولا هنه الدنانير لتمندل بنا هؤلاء (3) حديث "حبب إلي من دنياكم، : اخرجه الطبراتي في الكبير، والنسائي في السنن عن أنس مرفوعا، بهذا اللفظ ، والحاكم بدون قوله : (وجملت) . وقال : صحيح على شرط مسلم. أما ما اشتهر من زيادة قوله : من دنياكم ثلاث فقال ابن حجر : لم أقف عليها إلا في موضعين من الأحياء، وفي تفسير أل عمران من الكشاف للزخشري، وما رايتها في شيء من طرق هذا الحديث بعد مزيد البحث والتفتيش. وبذلك صرح الزركشيي وهي زيادة محلية للمعنى، لان الصلاة ليست من الدنيا (تمييز الطيب من الخبيث ص 97)
পৃষ্ঠা ২৪৯