মমলিক মন্সিয্যা ওয়ারাথাট
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
জনগুলি
أراني جورج صورا لأديرة محلية. لفتت انتباهي صورة معينة. كانت لصناديق زجاجية بها جثث محنطة جزئيا، وتحمل الصناديق بطاقات لإظهار أنها تحتوي على جثث الشهداء المسيحيين الذين تنيحوا في عهد دقلديانوس. كانت هذه الجثث، بأسنان تبرز من خلال لحم أسود ملتو بعنف، مكسوة بتوقير بأشرطة فضية وملابس زفاف ترمز إلى السعادة الأبدية التي ظفر بها أصحابها لتضحياتهم. لأول وهلة، وجدت الصور صادمة، بل بشعة. لكنها كانت، كما أدركت، تعبيرا عن إيمان عميق لا يتزحزح. فإيمان الأقباط بالاستشهاد ساعدهم على تحمل الأوقات العصيبة. مررت أنا وجورج بالحقول التي بها أكوام من القمح المحصود وأخرى كان قصب السكر يقف فيها شامخا. أشار جورج إلى قصب السكر. وقال: «هذا هو المكان الذي اعتاد المسلحون الاختباء فيه، فيما مضى عندما حدثت الاضطرابات هنا. كان لدي صديق شرطي، وهكذا قتل رميا بالرصاص.» بين عامي 1992 و1998، عملت جماعة إسلامية مسلحة تسمى الجماعة الإسلامية في المنيا وبلدات أخرى في جنوب مصر، وهاجمت كلا من قوات الأمن والمدنيين المسيحيين المحليين. والآن، في عام 2011، شكلت الجماعة حزبا سياسيا وبذلت جهدا لإظهار أنها قد تغيرت؛ حيث أقنعت خمسة أقباط بالانضمام إليها، ودعت إلى اقتصاد السوق الحر، وفازت بواحد من المقاعد البرلمانية الستة عشر في المنيا.
قادتنا الرحلة عبر طرق ريفية حيث كانت توجد حركة مرورية قليلة من نوع مختلف. مر بنا رجل على ظهر حمار يجر عربة مليئة بالبرسيم الحجازي؛ وبعد ذلك جاء حفل زفاف في حافلة، حيث خرجت الموسيقى المفعمة بالحيوية من جهاز استيريو. قال جورج: «إنهم قادمون من الدير»، في إشارة إلى دير أبي فانا، وجهتنا الأولى. «ذهبوا ليأخذوا «البركة» من الرهبان قبل الزفاف.» وجدت نفسي أستخدم كلمة «بركة» كثيرا خلال هذه الزيارة إلى المنيا. وعندما وصلنا إلى الدير وجدت أن مجرد مقابلة كاهن أو راهب كان أيضا بركة: «جئت لرؤيتك؛ لآخذ البركة منك»، هكذا كان يقول الشباب عند تحية الرهبان بأرديتهم السوداء الطويلة والقبعات السوداء الضيقة المزينة بصلبان ذهبية. كان الكثير من الشبان يزورون الدير. وكان بعضهم أكثر احتراما من الآخر. فقد ذهب أحدهم، عندما حسب أنه غير مراقب، ليجلس على عرش رئيس الدير في كنيسة الدير؛ حيث أثار اهتمامه نقش لأسد على ذراعيه، الذي كان يرمز إلى القديس مرقس الإنجيلي.
يقع الدير، الذي في واجهته سور عال وبوابة، على حافة وادي النيل، حيث يلتقي الوادي بالصحراء. ويظن البعض أنه ربما كان يوجد فيما مضى معبد قديم في الموقع، ومن المحتمل أن بلدة حور القريبة سميت على اسم الإله حورس. وجاء مصري يدعى أبو فانا إلى هذا المكان في القرن الرابع الميلادي، ووزع كل أمواله في الطريق إلى هناك. واشتهر بتقشفه (إحدى معجزاته، حسب التقليد، أنه ظل دون طعام مدة سبعة وثلاثين يوما)، وإحيائه للموتى، وقراءته للأفكار، وقضى ثمانية عشر عاما على عمود. وبحلول العصور الوسطى ، كان الدير قد تعرض للإهمال. فقد كان به راهبان فقط، وفقا للمقريزي، وهو عالم عربي من القرن الخامس عشر.
هذا الخبز، المنقوش عليه بالأحرف القبطية، يقدمه الرهبان بركة للزوار. تظهر اللوحات الجدارية المصرية القديمة أن عادة تزيين الخبز بهذه الطريقة تعود إلى آلاف السنين. صورة مأخوذة بواسطة المؤلف.
يوجد الآن أكثر من عشرين راهبا، كثير منهم من الشباب، وهم نتاج نهضة الكنيسة القبطية. أخبرني أحدهم، الذي كان يعتني بمتجر الدير - وكان يبيع الصلبان والملصقات الدينية - أنه كان طالبا في كلية الطب قبل دخول الدير. ومنحني بركة في شكل رغيف خبز منقوش عليه بإتقان ثقوب على شكل رموز مقدسة وكتابة قبطية (كما نرى في رسومات المقابر، كان المصريون في العصور الفرعونية يزينون أرغفة الخبز أحيانا بالثقوب). تتألف حياة الراهب القبطي من الصلاة في جماعة لساعات - بما في ذلك الصلاة يوميا في الساعة الثالثة صباحا - والصلاة بمفرده، وفي بعض الأحيان الانخراط في الأعمال اليدوية الشاقة.
قدمني جورج إلى رئيس الدير، وجلسنا معا في غرفة حارة ومتربة نوعا ما بها العديد من الأرائك. وقدموا لي الشاي وكمية لا نهائية من المشروبات الغازية الحلوة المذاق. ولاحقا خرجنا إلى ضوء الشمس. قال لي رئيس الدير: «اعتاد الرهبان الاختباء هناك، في ذلك البرج، إذا جاء قطاع الطرق إلى الدير.» لا تزال تحدث مشاكل مماثلة. وجاء راهب إلينا، وبأمر من رئيس الدير، رفع كمه على مضض ليريني تقلص الجزء العلوي من ذراعه حيث كسر العظم. فقبل بضع سنوات، أسرته مجموعة بدوية تعيش في مكان قريب. وعلى الرغم من أن الاختطاف كان متعلقا بنزاع على الأرض - حيث أراد الدير أن يبني على أرض يستخدمها البدو في الرعي - فقد انقلب طائفيا. قال الراهب إن آسريه طلبوا منه أن يبصق على الصليب. وعندما رفض كسروا ذراعه. قال رئيس الدير: «عندما وجدناه، كان يتضور جوعا وعطشا ولم يكن قادرا على الحركة.» كان هذا الراهب بالذات فنانا موهوبا رسم على العديد من جداريات الدير. واستغرق شهورا حتى يتعلم الرسم من جديد. •••
بالعودة إلى المنيا مساء ذلك اليوم، انتقلت من فندقي إلى قارب على نهر النيل، وتبين فيما بعد أن مجموعة من الأقباط البروتستانت في المدينة هي التي تديره. (بالإضافة إلى أولئك الأقباط الذين انضموا إلى الكنيسة البابوية الكاثوليكية، كان يوجد آخرون انضموا إلى مختلف الطوائف البروتستانتية خلال المائة والخمسين عاما الماضية، وكانت توجد في العديد من القرى حول المنيا كنائس بروتستانتية وكاثوليكية بالإضافة إلى الكنائس القبطية الأرثوذكسية.) كان الماء يرتطم طوال الليل بجانبه، على بعد بوصات من رأسي. وبعد عام من زيارتي، أحرقت مجموعة من الغوغاء الإسلاميين المنزل العائم احتجاجا على الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، وفي القارب المجاور له، مات رجلان، مسيحي ومسلم، حرقا، بينما شكل مسلمون آخرون سلاسل بشرية لحماية الكنائس المسيحية في المدينة. وكان العقاب الشائن لهذا الشغب هو صدور 529 حكما بالإعدام، ليس عقابا على حرق الكنائس وإنما لقتل شرطي أثناء أعمال الشغب.
كنت قد أقنعت كاهنا قبطيا بأن يأخذني في جولة ليريني أبرشيته في اليوم التالي. عاش الأب يوأنس في شقة بطابق علوي في مبنى بسيط يقع على الطريق من كنيسته مباشرة، في قرية تسمى قفادة، على بعد عدة أميال من المنيا. أوصلني جورج بالسيارة لرؤيته. وجلسنا جميعا في مطبخه، وقضمت قطعة من كعكة كريمة جافة بعض الشيء لكنها حلوة جدا، كان الكاهن قد اشتراها للاحتفال بهذه المناسبة. اكتشفت أن والده وجده توليا منصب الكاهن قبله. وكان يتمتع بموهبة طبيعية للتواصل مع الآخرين، وطريقة مصرية مميزة في الإطراء. سأل جورج من أي مدينة هو، وعندما أجاب جورج بأنه من المنيا، قال القس ما تبين أنه مجاملته المعتادة: «المنيا؟ أحسن ناس.»
ومن بين أربعين ألف نسمة في قفادة، كان أكثر من تسعين بالمائة مسلمين. ومع ذلك، كان العمدة مسيحيا. وكانت عائلته تمتلك أرض القرية فيما مضى، حتى صادرت حكومة ناصر معظمها وأعادت توزيعه. وعلى الرغم من أن الأسرة أصبحت حينها أكثر فقرا، كانت لا تزال تحظى بالاحترام. قال الكاهن: «في عام 1940، جاء جنود من الحكومة ليخبروا العمدة أنه يتعين عليه معاقبة السكان المحليين لأنهم تخلفوا عن دفع ضرائبهم. لكن بدلا من معاقبتهم، دفع ضرائبهم بنفسه.» لم ينس أهل القرية الواقعة أبدا وكانوا سعداء باحتفاظ العائلة بلقب العمدة؛ مع أن العائلة كانت مسيحية وتعيش في الغالب في مكان آخر.
أخبرنا الكاهن وهو يقلنا بسيارته في أنحاء المدينة: «لم يعد أحد منهم يعيش هنا الآن. المنزل القديم يكاد يكون فارغا. فالعمدة الحالي طبيب أسنان في المدينة وشقيقته هي التي تسكن في المنزل. ويبيع الجيل الأصغر سنا أراضيهم.» وأضاف، وهو يطلق بوق سيارته لشخص تعرف إليه: «مشكلتنا كمجتمع طائفي هي أننا نغادر القرى ولا نعود. فالمسلمون يرحلون للعمل لكنهم يحتفظون بمنازلهم في القرية. لكن المسيحيون يذهبون إلى المدن من أجل التعليم العالي ويبقون هناك. انتهى بي الحال إلى رؤية أبناء الأبرشية القدامى مرة واحدة في السنة، في حفلات زفاف في القاهرة.»
অজানা পৃষ্ঠা