মমলিক মন্সিয্যা ওয়ারাথাট
ورثة الممالك المنسية: ديانات آفلة في الشرق الأوسط
জনগুলি
ما كان ميرزا يعرفه بالفعل هو أن النبي الأول هو إبراهيم والنبي الأخير هو محمد، لكن العناصر الأربعة كانت أهم من أي نبي. أعظم هذه العناصر كان النار، وكانت الشمس الوسيط الرئيسي بين البشر والإله المجهول. وأوضح أن «الإيزيديين والآشوريين عبدوا الشمس». كان يعلم أيضا أن الإيزيديين توقعوا أن تتناسخ أرواحهم - كرجال، أو ربما كحيوانات. (وجدت أنه من الغريب أن ميرزا لم يكن متأكدا من هذه النقطة، لكن بدا أن العديد من الإيزيديين غير مهتمين بالحياة الأخرى، أو ربما يتكتمون بشأن معتقداتهم.) لقد اعتبروا الفلاسفة اليونانيين أنبياء. وكانت الشخصية الأساسية في دينهم هي شخصية الملك الطاووس، كما اكتشفت عندما ذهبت إلى لالش بنفسي. •••
كنت أرغب في الذهاب إلى لالش منذ أن سمعت عنها عندما كنت أعيش في بغداد. سافرت إلى هناك في عام 2011، وبدأت الرحلة من إحدى ضواحي إسطنبول غير الساحرة حيث استقللت حافلة للمرحلة الأولى من رحلة الألف ميل التي استغرقت ثلاثين ساعة إلى العراق. خلال اليوم التالي، شاهدت تغير المناظر الطبيعية من حولي أثناء سفرنا من الركن الشمالي الغربي لتركيا إلى أقصى الجنوب الشرقي، حيث يمر الطريق إلى العراق. وإسطنبول، حيث بدأت الرحلة، هي أكبر وأغنى مدينة في تركيا؛ فالأرض في المناطق الساحلية بتركيا خصبة، والطقس متوسطي معتدل. جنوب شرق البلاد، على النقيض، حار وفقير، والكثافة السكانية به منخفضة. وهنا تقع مدينة أورفة (سالينورفا) في واحة ضخمة محاطة بمنطقة شبه صحراوية. في القرن الرابع الميلادي زار أورفة، التي كانت تعرف سابقا باسم الرها، حجاج مسيحيون حريصون على رؤية رسالة يفترض أن يسوع كتبها خلال حياته إلى ملك الرها، أبجر. كان من بين الحجاج كاتبة يوميات تدعى إجيريا، يمكننا أن نرى من كتاباتها أنه كان يوجد أيضا وثنيون لا يزالون يعيشون في الرها ويعتبرون الأسماك في الأنهار المحلية مقدسة ويرفضون قتلها. وبوصفها مسيحية، حرصت إجيريا على تناول هذه الأسماك (علقت قائلة: «طعمها لذيذ جدا»).
اليوم أورفة مدينة مسلمة، وفي مركزها مسجد مزخرف محاط بحديقة تتجول فيها العائلات والأزواج في طقس المساء البارد نسبيا. وبعد الوصول إلى المدينة واستقراري في دار ضيافة محلية، انضممت إليهم، وأنا أفكر في ماضي المدينة. كانت توجد مستوطنة في هذا الموقع منذ آلاف السنين؛ على سبيل المثال، ما بين 2000 و600 قبل الميلاد في زمن الإمبراطورية الآشورية، التي يرد ذكر ملكها الأسطوري النمرود في الكتاب المقدس وكانت عاصمتها نينوى تقع مكان الموصل اليوم. تأسست المدينة الحديثة على يد أحد مساعدي الإسكندر، ثم تغير حكامها بعد ذلك عدة مرات حيث تقاتل عليها الرومان، والفرس، والبيزنطيون؛ وفي حقبة لاحقة، العرب، والصليبيون، والأتراك. وفوق المسجد، على نتوء جبلي، لا يزال يوجد عمود طويل عليه نقش باللغة السريانية المنقرضة؛ تذكيرا بهذا التاريخ.
وتبين أن توجد آثار أخرى من الماضي في الحديقة: أسماك إجيريا اللذيذة. كان جدول صغير يجري عبر الحديقة، ولاحظت أنه مليء بأسماك الشبوط؛ آلاف من أسماك الشبوط، تجمعت معا بكثافة كما لو كانت قد وقعت في شبكة. كانت تتدافع، وتتلوى مرورا بعضها ببعض، في ثلاثة أو أربعة صفوف. جاء رجل ليقف بجواري، ورأسه ملفوف بكوفية باللونين الأسود والأبيض. وبين حين وآخر، كان أحد الأشخاص الذين يسيرون في الحديقة يهرول إليه، ويركع على ركبة واحدة، ويقبل يد الرجل ثم يضعها على جبهته، ويتمتم بإيجاز باللغة الكرمانجية. وفي كل مرة كان يحدث هذا، كان الرجل يتجهم بانزعاج زائف وربما يحرك يده بعيدا في إيماءة متعالية. لكنه لم يصد المتوسلين.
وأخيرا خاطبني الرجل. وسأل: «ربما تتساءل كيف يوجد الكثير من الأسماك هنا؟ لن يقتلها أحد هنا أو يأكلها. عندما أراد الملك النمرود الشرير أن يعاقب النبي إبراهيم، أمر بحرقه حيا في محرقة من الجمر. لكن الله حول النار إلى ماء والجمر سمكا. لهذا السبب نعتبر هذه الأسماك مقدسة.» وإبراهيم هو أبراهام، الذي يدعي المسلمون واليهود أنه نبي. لكن تقليد سمك أورفة المقدس كان أقدم من الإسلام، ويعود تاريخه على الأقل إلى عصر إجيريا وربما قبل ذلك بكثير. يوما ما كان الناس الواقفون حول تلك البركة يتحدثون الآرامية، ثم اليونانية، ثم العربية، والآن الكرمانجية، والمسيحية جاءت وذهبت، لكن الأسماك بقيت.
قال الرجل: «اسمي محمود.» كان مسلما، وكرديا مثل كثير من الناس في أورفة. وأوضح أنه رجل له مكانة محليا. وبينما كنا نتحدث أخبرني عن مدينة مدمرة جنوب أورفة، تسمى حران. في ذلك المساء قرأت عن حران واكتشفت أنه على الرغم من أنها مهجورة الآن، فقد لعبت يوما ما دورا رئيسيا في التاريخ. يزعم أنها المكان الذي عاش فيه إبراهيم قبل أن يتخذ يهوه إلها له. (لقد أصبح هذا الآن موضع شك: فالرواية الإنجيلية بالتأكيد تجعله في بلدة تسمى حران، لكنها ربما كانت بلدة تحمل الاسم ذاته في أقصى الجنوب.) كانت بالتأكيد المكان الذي تعرض فيه الرومان لواحدة من أشهر هزائمهم. ففي عام 53 قبل الميلاد، أطلق البلوتوقراطي الروماني كراسوس ما كان يأمل أن يكون حملة عسكرية مثمرة ضد الإمبراطورية الفرثية (وريثة إمبراطورية كورش الفارسية)؛ طمعا في ذهبها واحتكارها لحركة البضائع الصينية نحو الغرب. لكنه خدع على يد عربي محلي كان عميلا مزدوجا للفرثيين، وقضي على كراسوس وجحافله على يد جيش فرثي أقل منهم عددا. كانت هذه أول مواجهة في أطول حرب في التاريخ. فقد استمرت الأعمال العدائية بين روما وبلاد فارس ما يقرب من سبعمائة سنة، تخللتها فترات هدنة.
لقد نسينا هذه الحرب الأطول، فقد انقرض كلا الطرفين، لكنها شكلت عالمهم وعالمنا. وفي مرحلتها الأخيرة، بعدما كان الأباطرة الرومان قد انتقلوا إلى بيزنطة، وجد الفرس حلفاء بين الجاليات اليهودية في الإمبراطورية البيزنطية؛ وفي هذه الأثناء، استخدم البيزنطيون العرب، الذين كان بعضهم من المسيحيين، لمحاربة الفرس. وصلت أخبار الحرب إلى مكة النائية، حيث كان النبي محمد يدعو العرب إلى دين الإسلام الجديد. وفي مرحلة ما، بعد انتصار الفرس في أنطاكية سنة 613 ميلادية، بدت الإمبراطورية البيزنطية كأنها على وشك التعرض للهزيمة التامة. فكتب الإمبراطور الفارسي لخصمه البيزنطي: «حتى لو لجأت إلى أعماق البحر، فسأمد يدي وأخرجك »، بينما أصدر البيزنطيون عملات نقش عليها عبارة «فليعن الرب الروم». انزعج النبي محمد وأتباعه؛ لأن كان من المفترض أن الرب إلى جانب روما المسيحية. فأنزلت آية قرآنية السكينة على قلوبهم. وأقرت بما يلي:
غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ... ويومئذ يفرح المؤمنون ، وبالفعل استعاد البيزنطيون عافيتهم، ووجهوا للإمبراطورية الفارسية ضربة قاتلة؛ وخفضوا أجور المرتزقة العرب، وطردوهم مثل «الكلاب». غير العرب المسلمون رأيهم بشأن بيزنطة وتقدموا شمالا للاستحواذ على أراضيها الجنوبية، وأيضا قهر الإمبراطورية الفارسية في نهاية المطاف. لقد استنزفت الحرب التي استمرت سبعمائة عام كلتا الإمبراطوريتين؛ وبدونها، قد لا يكون الإسلام هو الدين العالمي الذي هو عليه اليوم، وقد يكون للغرب المسيحي، وعاصمته في إسطنبول، ثقافة تهيمن عليها الزرادشتية باعتبارها المنافس الشرقي.
خلال تلك الحرب، حدثت مواجهة ثقافية شيقة. ففي القرن الأول الميلادي، سقط جنوب تركيا في أيدي الرومان لأول مرة. وواجه جنود الفيالق التي نشرت في هذه المنطقة ديانة كانت غريبة عليهم تماما. ويبدو أنهم وجدوها جذابة: فعندما عادوا إلى روما، أخذوا نسخة منها معهم. كانت هذه الديانة هي عبادة الإله ميثرا. وكانت تتسم ببعض أوجه التشابه مع ديانة الإيزيديين، الذين يعيش أقربهم الآن على بعد 120 ميلا شرق حران. وشيدت كنائس تحت الأرض مخصصة لعبادة الإله ميثرا - وقد بنيت حول نبع أو جدول، مثل الغرفة السرية في لالش حيث عمد ميرزا - بأعداد كبيرة في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية. وكانت مراسم الانضمام للطائفة الدينية صعبة عن قصد، ولم يسمح إلا للمنضمين بمعرفة تعاليم الطائفة غير المكتوبة (التي ظلت سرية للغاية، في الواقع، لدرجة أننا لا نعرف عنها اليوم إلا أقل القليل). لم تكن هذه نقطة التشابه الوحيدة بين الإيزيديين وعبادة ميثرا. فكلتا الديانتين تضمنت الصلاة ثلاث مرات في اليوم، وتقديس الشمس، وارتداء الأحزمة، والتضحية بالثيران. وأخيرا، أطلق عبدة ميثرا على أنفسهم «المتحدين بمصافحة الأيدي». للعقل الحديث يبدو ذلك أمرا غير استثنائي: فما الذي يميز إيماءة كانت عادية جدا؟ لكنها لم تكن في ذلك الوقت إيماءة التحية المعتادة التي أصبحت عليها منذ ذلك الحين في الغرب. ويبدو أنها أصبحت كذلك بفضل الميثرائيين - التي كانت تمثل لهم أحد طقوس الترابط، كما هو الحال عند الإيزيديين. اختفت الديانة الميثرائية في النهاية عندما أصبحت المسيحية منتشرة في الإمبراطورية الرومانية، لكن هذه الإيماءة استمرت. وبعدما تجردت تماما من جميع ارتباطاتها الروحانية، أصبحت الآن إيماءة عالمية تدل على المودة.
لا يوجد عالم يعرف التاريخ الكامل للإيزيديين. كما أن العزلة والسرية اللذين بقوا بسببهما في مأمن من التدخل الخارجي أبعداهم أيضا عن معظم كتب التاريخ. وعلى عكس المندائيين، الذين عاشوا في عزلة نسبية في الأهوار العراقية، تعرض الإيزيديون للعديد من الأديان والثقافات المختلفة وتأثروا بها على مدى الألفي سنة الماضية. وسيكون من الخطأ أن نظن أنهم «نفس» هذا الدين القديم أو ذاك لمجرد أن لديهم سمات ثقافية مشتركة. ثمة اختلافات بين الإيزيديين والميثرائيين: على سبيل المثال، الإيزيديون لديهم ثلاث طبقات رئيسية والميثرائيون لديهم سبع؛ لم تكن أورفة في العصر الروماني تتحدث الكرمانجية؛ ومن الناحية العرقية، قد لا ينحدر الإيزيديون المعاصرون من نسل شعب أورفة. لكن خبرتنا بشأن الدين خاضعة جدا للمسيحية، واليهودية، والإسلام (الديانات الإبراهيمية) لدرجة أننا ننسى أنه في الشرق الأوسط كان ولا يزال يوجد صنف منفصل تماما من الأديان ينتمي إليه، بشكل فضفاض، الإيزيديون. ومع أن الجنود الرومان الذين أشاعوا المصافحة لم يلتقوا بالإيزيديين أنفسهم، فمن الواضح أنهم صادفوا ديانة من الصنف نفسه.
অজানা পৃষ্ঠা