قال كومبس في هدوء: «إنه المسدس.»
وقد كان! •••
لن تنسى صحف لندن سريعا الضجة التي تسببت فيها تحقيقات شيرلو كومبس، والتي نشرت مفصلة في صحيفة إيفينيج بليد المسائية في اليوم التالي. كنت آمل أن تنتهي قصتي هنا. ولكن، للأسف! سلم كومبس المسدس بازدراء إلى سكوتلاند يارد. وجد المسئولون المتطفلون - مدفوعين في ذلك بشعورهم بالغيرة حسب ما أعتقد دوما - اسم بائع المسدس مدونا عليه. فتحروا الأمر. وشهد البائع بأن المسدس لم يكن قط في حوزة السيد كيبسون على حد علمه. بل بيع إلى رجل تطابق أوصافه مجرما كانت الشرطة تراقبه لفترة طويلة. وألقي القبض عليه، فتحول إلى شاهد ملك وشهد ضد شريكه في الجريمة على أمل أن يشنق الشريك. ومن ثم، بدا الأمر وكأن السيد كيبسون، الذي كان رجلا متجهما قليل الكلام، وعادة ما يعود بمفرده إلى حجرة صغيرة يقيم فيها - وهكذا يهرب من المراقبة - قد قتل في الزقاق الذي يؤدي إلى مسكنه. وبعد أن سرقه الجانيان، فكرا في التخلص من الجثة، وهو أمر دائما ما يشغل بال المجرمين المحترفين قبل ارتكابهم الجريمة. وقد اتفقا على وضع الجثة على السكة الحديدية، فيدهسها قطار سكوتش إكسبريس، وكانا على وشك فعل ذلك حينها. لكن قبل أن يصلا بالجثة إلى ضفة السكة كان القطار قد وصل وتوقف عند الإشارة. وقد خرج الحارس وسار على طول الجهة الأخرى ليتحدث مع السائق. وعلى الفور، جاءتهما فكرة وضع الجثة في عربة فارغة من عربات الدرجة الأولى. ففتحا الباب بمفتاح القتيل. ومن المفترض أن المسدس قد سقط منهما وهما يرفعان الجثة إلى العربة.
لم تجد مراوغة الشاهد نفعا، وأهانت سكوتلاند يارد صديقي شيرلو كومبس بكل خسة وبعثت إليه بتصريح ليشاهد شنق الجاني وشريكه.
سيأتي الموت عاجلا أو آجلا
كان آليك روبينز هو من أطلق على العاجز لقب الهيكل العظمي الحي، وربما كان تأنيب ضميره على إعطائه مثل هذا اللقب الوصفي الدقيق هو ما تسبب في أن يكون صداقة مع الهيكل العظمي الحي، الذي كان رجلا ليس لديه أي أصدقاء فيما يبدو.
لم ينس روبينز محادثتهما الأولى قط، وقد حدثت كالآتي. كان من عادة الهيكل العظمي الحي أن يغادر فندقه في كل صباح في تمام العاشرة - إذا كانت الشمس مشرقة - وأن يمشي متثاقلا بدلا من السير بصورة طبيعية على طول الشارع المفروش بالحصى وحتى شارع النخيل. وهناك، كان ينتقي مقعدا تفترشه أشعة الشمس، فيجلس عليه، ويبدو وكأنه ينتظر أحدا لا يأتي أبدا. وفي ذلك، كان يرتدي وشاحا حول رقبته وقلنسوة من القماش الناعم على رأسه. كانت كل عظام وجهه بارزة بحيث يبدو وكأن وجهه خال من اللحم، وكانت ملابسه تنسدل فضفاضة على جسده وكأنها تنسدل على هيكل عظمي. ولم يكن الأمر يتطلب نظرة ثانية إلى الهيكل العظمي الحي لكي يدرك المرء أن ما تبقى من عمره هو أيام أو ساعات معدودة، وليس أسابيع أو شهورا. بدا الرجل وكأنه لا يمتلك من الطاقة ما يكفي حتى لكي يقرأ، وهكذا جلس روبينز إلى جواره ذات يوم على المقعد وقال في نبرة تنم عن التعاطف: «آمل أن تشعر اليوم أنك أفضل حالا.»
التفت نحوه الهيكل العظمي وضحك ضحكة خفيضة وخافتة لا روح فيها، ثم قال بصوت أجوف ذاهل وكأن رئتيه لم تكونا مصدره: «لقد اكتفيت من الشعور بأنني أفضل أو أسوأ.»
قال روبينز: «أوه، أثق أن الأمر ليس بهذا السوء. إن الطقس هنا سيجعلك جيدا، أليس كذلك؟»
ضحك الهيكل العظمي مرة أخرى ضحكة صامتة، وبدأ روبينز يشعر بالارتباك. كانت عينا الهيكل العظمي واسعتين وبراقتين، وكانتا مثبتتين على روبينز على نحو زاد من شعوره بالارتباك، وجعلتاه يفكر بأن الهيكل العظمي كان يعرف أنه قد أطلق عليه هذا الاسم.
অজানা পৃষ্ঠা