মসিহের অপর মুখ: ইহুদি ধর্মের প্রতি যিশুর মনোভাব - একটি গনোস্টিসিজম পরিচিতি
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
জনগুলি
وقد تحدث بولس عن اليهود بسخرية وتهكم واستخدم في وصفهم تعابير مقذعة: «هنالك جماعات كثيرة وقد كلمتكم عليها مرارا وسأكلمكم عنها اليوم باكيا، تسير سيرة أعداء الصليب، عاقبتهم الهلاك، وإلههم بطنهم (إشارة إلى تحريمات الشريعة بخصوص الأطعمة)، ومجدهم عورتهم (إشارة تهكمية إلى الختان)، همهم أمور الأرض، أما نحن فموطننا في السموات ومنها ننتظر مجيء المخلص يسوع المسيح، الذي يبدل جسدنا الحقير فيجعله على صورة جسده المجيد» (الرسالة إلى أهالي فيليبي 3: 18-21)، وأيضا: «احذروا الكلاب (يعني اليهود الذين أرادوا فرض عاداتهم على المسيحيين)، احذروا عمال السوء، احذروا ذوي الجب (أهل الختان)، فإنما نحن ذوو الختان لأن عبادتنا بروح الله، وفخرنا فخر بالمسيح يسوع» (الرسالة إلى أهالي فيليبي 3: 1-3)، وهو يسخر من كل نواهي الشريعة اليهودية التي لا تني عن تكرار أوامر مثل: لا تأخذ، لا تمس، لا تذق ... إلخ: «فأما وقد متم مع المسيح متخلين عن أركان العالم، فما بالكم لو كنتم عائشين في العالم تخضعون لمثل هذه النواهي، لا تأخذن، لا تذق، لا تمس، وتلك الأشياء كلها تئول بالاستعمال إلى الزوال» (الرسالة إلى أهالي كولوسي 2: 20-21).
وبولس يعكس معنى قصة زوجة إبراهيم الحرة سارة، وزوجته الأخرى هاجر الجارية، فاليهود هم العبيد أولاد الجارية، أما المسيحيون فهم الأحرار الذين ولدوا روحيا من الحرة: «هاتين المرأتين تمثلان العهدين، إحداهما هاجر، طور سيناء تلد للعبودية، وتعني أورشليم هذا الدهر، فإنما هي وبنوها في العبودية، أما أورشليم العليا (السماوية) فحرة وهي أمنا» (الرسالة إلى أهالي غلاطية 4: 24-26).
والشريعة اليهودية بما تفرضه من أحمال تفوق طاقة أحد عليها إنما تقود في النهاية إلى المعصية: «فما الشريعة إلا سبيل إلى معرفة الخطيئة، أما الآن فقد ظهر بر الله بمعزل عن الشريعة، تشهد له الشريعة والأنبياء، هو بر الله، وطريقه الإيمان بيسوع المسيح» (الرسالة إلى أهالي روما 3: 20-23). وأيضا: «فالوعد الذي تلقاه إبراهيم بأن يرث العالم لا يعود إلى الشريعة، بل إلى بر الإيمان، فلو كان الورثة أهل الشريعة لأبطل الإيمان ونقض العهد؛ لأن الشريعة تورث الغضب، وحيث لا تكون شريعة لا تكون معصية» (الرسالة إلى أهالي روما 4: 13-14)، كما أن الشريعة تورث اللعنة، وذلك لتقصير أهل الشريعة عن الوفاء بمتطلباتها: «إن دعاة العمل بأحكام الشريعة لعنوا جميعا، فقد ورد في الكتاب: ملعون من لم يثابر على العمل بجميع ما كتب في سفر الشريعة ... فالمسيح قد افتدانا من لعنة الشريعة» (الرسالة إلى أهالي غلاطية 3: 10-13).
لقد أخضع إله العهد القديم الخليقة للباطل كرها عنها، ولكنها لم تقطع الرجاء في انتظار انتسابها لله، الأب السماوي، الذي كشف لنا يسوع عن ملء رحمته: «وأرى أن آلام هذه الدنيا لا تساوي المجد الذي سيتجلى فينا، فالخليقة تنتظر بفارغ الصبر تجلي أبناء الله، فقد أخضعت للباطل بسلطان الذي أخضعها (أي الديميرج إله العهد القديم)، لا طوعا منها، ومع ذلك لم تقطع الرجاء» (الرسالة إلى أهالي روما 8: 19-21). لقد أغلق كتاب العهد القديم كل بوابات الرجاء، حتى ظهور المسيح: «لو أعطيت شريعة بوسعها أن تحيي لصح أن البر يحصل عليه بالشريعة، ولكن الكتاب أغلق على كل شيء وجعله في حكم الخطيئة، ليوهب الوعد للمؤمنين لإيمانهم بيسوع المسيح» (الرسالة إلى أهالي غلاطية 3: 21-22).
واليهود الذين تحولوا إلى المسيحية وبولس واحد منهم، كانوا أشبه بالقاصرين الواقعين تحت وصاية أركان هذا العالم ، ولكن يسوع افتداهم وأدخلهم سن الرشد، وهنا يستخدم بولس تعبير «أركان» أو «أراكنة» باللغة اليونانية، وتعني «حكام»، وبالمفهوم الغنوصي هم حكام العالم المادي الذي يأتمرون بأمر كبير الأراكنة إله العهد القديم، وقد دعاهم بولس أيضا بالآلهة المزيفة: «حين كنا قاصرين كنا عبيدا لأركان العالم، فلما تم الزمان، أرسل الله ابنه مولودا لامرأة، مولودا في حكم الشريعة ليفتدي الذين هم في حكم الشريعة، فنحظى بالتبني، والدليل على كونكم أبناء الله ، أن الله أرسل روح ابنه إلى قلوبنا، الروح الذي ينادي يا أبتاه، فلست بعد الآن عبدا بل أنت ابن، وإذا كنت ابنا فأنت وارث بفضل الله، لما كنتم تجهلون الله، كنتم عبيدا لآلهة ليست بآلهة حقا، أما الآن وقد عرفتم الله، بل عرفكم الله، فكيف تعودون إلى تلك الأركان الضعيفة الحقيرة، وتريدون أن تكونوا عبيدا لها كما كنتم قبلا، تراعون الأيام والشهور والفصول والسنين (إشارة إلى السبت وأعياد اليهود الدينية)؟ إني أخشى أن أكون قد تعبت عبثا من أجلكم» (الرسالة إلى أهالي غلاطية 4: 3-11).
وفي الرسالة الثانية إلى أهالي كورنثة هنالك إشارة إلى «إله هذا الدهر» وهذه العبارة تدل على الأركون الأكبر إله العهد القديم في الفكر الغنوصي، وهي مستمدة من سفر إشعيا الذي أطلق لقب إله الدهر على يهوه: «أما عرفت أم لم تسمع؟ إله الدهر، الرب خالق أطراف الأرض، لا يكل ولا يعيا» (إشعيا 40: 28)، ويرى بولس أن إله هذا الدهر هو إله الهالكين من اليهود الذين رفضوا يد يسوع التي امتدت إليهم لتخليصهم: «ولكن إذا كان إنجيلنا مكتوما، فإنه مكتوم في الهالكين، الذين فيهم إله هذا الدهر،
2
قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح» (4: 3).
خلاصة
فيما سبق من هذا الفصل جعلنا نصوص العهد الجديد نفسها ترد على المداخلات المقحمة عليه، والغريبة عن سياقه العام، فيسوع قد جاء لينقض لا ليكمل، ورسالته جديدة كل الجدة عن رسالة العهد القديم، ولا يمكن اعتبارها بأي حال من الأحوال حركة إصلاحية يهودية، ميزت نفسها تدريجيا حتى شبت على الطوق واستقلت، لقد كانت منذ البدء حركة مستقلة كما أراد لها يسوع عندما قال: «جئت لألقي على الأرض نارا، وكم أرجو أن تكون قد اشتعلت ... أوتظنون أني جئت لألقي السلام على الأرض؟ أقول لكم لا، بل الخلاف» (لوقا 12: 49-51)، لقد أحدث يسوع شرخا في المجتمع اليهودي والمجتمع الوثني على السواء، انطلاقا من قناعته بأن الجديد لا يرسخ قبل تهديم كامل للقديم: «فمنذ اليوم يكون في بيت واحد خمسة، فيخالف ثلاثة منهم اثنين، واثنان ثلاثة، يخالف الأب ابنه والابن أباه، والأم بنتها والبنت أمها، والحماة كنتها والكنة حماتها» (لوقا 12: 52-53)، ولقد تخللت رسالة يسوع منذ البدء المجتمع كعاصفة تقتلع القديم لتزرع الجديد، ومنذ البدء ميز أتباعه أنفسهم عن محيطهم الثقافي، مشكلين النواة الأولى لواحدة من أهم الحركات الروحية في تاريخ الإنسانية، استطاعت بعد بضعة قرون أن تكسب نصف أرجاء المعمورة، ومع ذلك فقد أفلحت اليهودية في زرع شوكة في خاصرة المسيحية مع انطلاقتها الكبيرة، عندما تم في أواخر القرن الرابع الميلادي الجمع بين كتاب العهد القديم وأسفار العهد الجديد في كتاب المسيحيين المقدس.
অজানা পৃষ্ঠা