মসিহের অপর মুখ: ইহুদি ধর্মের প্রতি যিশুর মনোভাব - একটি গনোস্টিসিজম পরিচিতি
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
জনগুলি
وعندما انبرى نيقوديمس للدفاع عنه، وهو منهم، قال له اليهود: «أوأنت أيضا من الجليل؟ ابحث (في الكتب) تجد أنه لا يبعث من الجليل نبي» (يوحنا 7: 50-52)، وعندما دخل أورشليم في الزيارة التي أدت إلى صلبه، تعرفت عليه الجموع باعتباره النبي الآتي من الجليل: «ولما دخل أورشليم ضجت المدينة كلها وسألت: من هذا ؟ فأجابت الجموع: هذا النبي يسوع من ناصرة الجليل» (متى 21: 10-11)، وعندما تبع بطرس يسوع عقب القبض عليه وإدخاله دار رئيس الكهنة، تعرفت على بطرس جارية هناك وقالت: هذا الرجل كان مع يسوع الناصري، وعندما أنكر بطرس صلته بيسوع فضحته لهجته الجليلية، فقالوا له: «أنت أيضا منهم لأنك جليلي» (متى 26: 69-73)، والذين تبعوا يسوع إلى أورشليم وشهدوا صلبه كانوا جليليين: «وكان هناك كثير من النسوة ينظرن عن بعد، وهن اللواتي تبعن يسوع من الجليل ليخدمنه، فيهن مريم المجدلية ومريم أم يعقوب ويوسي، وأم ابني زبدي» (متى 27: 55-56)، وبعد القيامة قال للمرأتين اللتين تراءى لهما: «لا تخافا اذهبا وقولا لإخوتي (التلاميذ) يمضوا إلى الجليل، فهناك يرونني» (متى 28: 9-10)، «وأما التلاميذ الأحد عشر فذهبوا إلى الجليل إلى الجبل الذي جعله يسوع لهم موعدا، فلما رأوه سجدوا له» (متى 28: 16-17).
وعلى كل، فإذا كانت قصة الميلاد في بيت لحم ذات أصل تاريخي، فإن المدينة المرشحة لأن تكون مكان الميلاد ليست بيت لحم اليهودية، وإنما مدينة أخرى في الجليل تحمل الاسم نفسه، إن ما لا يعرفه الجميع، وما تم التعتيم عليه تاريخيا، هو وجود مدينة في الجليل تحمل اسم بيت لحم، تقع مقابل السفوح الشمالية الشرقية لجبل الكرمل، وقد كانت هذه المدينة قائمة ومزدهرة خلال حياة يسوع، على ما تثبته نتائج التنقيب الأثري في موقعها، ولكنها ترجع بتاريخها إلى نحو القرن السابع قبل الميلاد، وبيت لحم الجليل هذه تظهر في المصورات الجغرافية القديمة، ومنها مصور بطليموس الذي يعود بتاريخه إلى عام 160م، وقد تتالت على المدينة مراحل خراب وهجران، ثم بناء وازدهار، طوال أكثر من ألفي سنة، وعند قيام دولة إسرائيل عام 1948، كانت بيت لحم مع معظم الجليل ضمن حدودها، وهي تظهر الآن في جميع الخرائط الحالية لدولة إسرائيل.
1
وقد عرف محررو كتاب التوراة بيت لحم الجليل، وأورد سفر يشوع 9: 15 أنها كانت في نصيب سبط زبولون الذي حدد له يشوع أراضيه في منطقة الجليل، وقد دعيت في الكتاب ببيت لحم أفراته نسبة إلى منطقة أفراته التي تقع فيها، والاسم أفراته يعني الأرض المخصبة المثمرة، وإليها تشير النبوءة الواردة في سفر ميخا، بخصوص المواطن الذي يظهر فيها المخلص: «أما أنت يا بيت لحم أفراته، وأنت صغيرة على أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل ومخارجه منذ القديم» (ميخا 5: 2)، وقد اقتبس متى هذه النبوءة بعد تحريفها وتحويل «بيت لحم أفراته» إلى «بيت لحم يهوذا» فقال: «فقد أوحي إلى النبي فكتب: «وأنت يا بيت لحم أرض يهوذا، لست الصغيرة في ولايات يهوذا، فمنك يخرج وال يرعى شعبي إسرائيل» (متى 1: 5-6). (2) نسب يسوع
بالإضافة إلى سلسلة نسب يسوع التي أوردها متى ولوقا كل على طريقته الخاصة، وأرجع بها نسب يسوع إلى الملك داود، مما درسناه بالتفصيل في الفصل الأول، فإن الأناجيل الإزائية تتابع هذه الفكرة من خلال دعوة يسوع بابن داود، وباللقب الآخر المتصل به وهو لقب ملك اليهود، ولكننا إذا تابعنا المواضع التي ورد فيها هذان اللقبان، لوجدنا أن يسوع لم يستخدم أيا منهما في الإشارة إلى نفسه، وعندما قبل لقب «ملك» أثناء المحاكمة التي عقدها له بيلاطس الروماني، فقد قبله بمعنى محدد دقيق، يحول النظر عن أي مفهوم زمني للملك، يهوديا كان أم غير يهودي، فعندما سأله بيلاطس: «أأنت ملك اليهود؟ أجاب يسوع: ليست مملكتي من هذا العالم، ولو كانت مملكتي من هذا العالم لدافع عني رجال لكي لا أسلم إلى اليهود، ولكن مملكتي ليست من ها هنا» (يوحنا 18: 34-36)، وعندما حاولت الجموع، قبل ذلك، أن تنادي به ملكا هرب منهم وتوارى عن الأنظار: «فلما رأى الناس الآية التي أتى بها يسوع ، قالوا: حقا هذا هو النبي الآتي إلى العالم. وشعر يسوع أنهم يهمون باختطافه ليقيموه ملكا، فابتعد عنهم وعاد وحده إلى الجبل» (يوحنا 6: 14-15). وبالمقابل فإن لقب ابن داود أو ملك اليهود قد استعمل من قبل الآخرين في الإشارة إلى يسوع، فقد ناداه شحاذ أعمى بينما هو خارج من أريحا: «رحماك يا ابن داود» (متى 9: 27). وعندما دخل أورشليم هتف له جمع كبير من الناس: «حيوا ابن داود، تبارك الآتي باسم الرب» (متى 21: 9)، «تبارك الآتي باسم الرب تباركت المملكة الآتية مملكة أبينا داود» (مرقس 11: 10)، على أن يسوع قد حسم هذه المسألة بشكل قاطع، وفي ثلاث روايات متشابهة في الأناجيل الإزائية عندما قال: «كيف يقول الكتبة إن المسيح هو ابن داود؟ وداود نفسه قال بوحي من الروح: قال الرب لربي اجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك تحت قدميك؟ فداود نفسه يدعوه ربا، فكيف يكون ابنه؟» (متى 22: 41)، و(مرقس 12: 35-27)، و(لوقا 20: 41). (3) يسوع والشريعة «لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس»
لدينا في إنجيل متى مقطع شهير بقدر ما هو إشكالي، يضع على لسان يسوع قوله: «لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس (الشريعة) أو الأنبياء، ما جئت لأنقض بل لأكمل ... الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل، فمن خالف وصية من أصغر تلك الوصايا وعلم الناس أن يفعلوا مثله، عد صغيرا في ملكوت السموات، وأما الذي يعمل بها ويعلمها فذاك يعد كبيرا في ملكوت السموات» (متى 5: 17-19).
فهل كان يسوع نبيا يهوديا أخذ على عاتقه ترسيخ شريعة العهد القديم، أم كان صاحب رسالة جديدة تبطل الشريعة اليهودية الضيقة، وتؤسس لعهد جديد بين الله والبشرية، يتجاوز العهد القديم بين يهوه وشعبه الخاص؟ في الحقيقة، إن كل أقواع يسوع وأعماله، سواء في الأناجيل الإزائية أم في إنجيل يوحنا، تدل على تجاوزه لشريعة موسى، شريعة الحرف، وتأسيسه لشريعة الروح، قال يسوع في إنجيل يوحنا: «لم يعطكم موسى خبز السماء، بل أبي يعطيكم خبز السماء الحق؛ لأن خبز الله هو الذي ينزل من السماء ويعطي العالم حياة ... أنا خبز الحياة، آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا، هو ذا الخبز النازل من السماء ليأكل منه الإنسان فلا يموت، أنا الخبز الحي الذي نزل من السماء» (637: 51)، وبذلك يستبدل يسوع شريعة موسى العتيقة التي وهبت الموت بشخصه الحي الذي يهب الحياة الأبدية، وهو لا يتجاوز موسى فقط، بل يتجاوز كل الآباء وصولا إلى الأب الأول إبراهيم: «ابتهج أبوكم إبراهيم على رجاء أن يرى يومي، ورآه ففرح، قال له اليهود: أرأيت إبراهيم وما بلغت الخمسين بعد؟ فقال يسوع: الحق أقول لكم، كنت قبل أن يكون إبراهيم» (يوحنا 8: 56-57)، وبهذا القول يتجاوز يسوع التاريخ اليهودي بأكمله، والذي يبتدئ بإبراهيم، ويجعل نفسه مؤسسا لحركة روحية جديدة، وفي مقابل القول الذي نسبه إليه متى: «إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة من الناموس»، نجده بعد ذلك يقول: «الأرض والسماء تزولان، وكلامي لا يزول» (متى 24: 35).
في مطلع حياة يسوع التبشيرية أعلن يسوع موقفه الواضح من شريعة العهد القديم، عندما مر وتلاميذه بين الزروع في يوم السبت، فأخذ التلاميذ يقطفون السنابل ويأكلون منها، فقال له الفريسيون: انظر، لماذا يفعلون في السبت ما لا يحل؟ فقال لهم: «... إن السبت جعل للإنسان، وما جعل الإنسان للسبت» (مرقس 2: 23-28)، وبذلك أخل يسوع ببند من أهم بنود الشريعة كان منتهكه يستحق الموت، على ما ورد في سفر الخروج 31: 14: «وكلم الرب موسى قائلا ... فتحفظون السبت لأنه مقدس لكم، من دنسه يقتل قتلا، إن كل من صنع عملا فيه تقطع تلك النفس من بين شعبها». ودخل يسوع أيضا في يوم سبت أحد مجامعهم وكان فيه رجل يده مشلولة، وكان الفريسيون والكتبة يراقبونه ليروا هل يشفيه في السبت، فعلم أفكارهم فقال للرجل: قم فقف في حلقة المجمع، فقام ووقف فيها، قال يسوع لهم: أسألكم، أعمل الصالحات يحل في يوم السبت أم عمل السيئات؟ أتخليص نفس أم إهلاكها؟ ثم أجال طرفه فيهم جميعا وقال له: امدد يدك، فمدها فعادت صحيحة (لوقا 6: 6-11). وفي حادثة شفاء أخرى يوم السبت أخذ اليهود يشغبون على يسوع لأنه يعمل في يوم السبت، وسمح لمريضه أن يعمل عندما قال له: قم فاحمل فراشك وامش، فقال يسوع لليهود جملة تحمل كل معاني السخرية من مفهومهم عن الراحة المطلقة في يوم السبت: «إن أبي ما يزال يعمل وأنا أيضا أعمل». أي إن الله لا يتوقف عن رعاية خلقه يوم السبت، ويسوع ينسج على منواله (يوحنا 5: 16-17).
وقد ثار يسوع على مفاهيم الطهارة الشرعية التي تركز على طهارة الظاهر، وتنسى الطهارة الحقيقية التي هي طهارة الباطن، فقد اجتمع لديه بعض الفريسيين والكتبة الآتين من أورشليم، فرأوا بعض تلاميذه يأكلون قبل غسل أيديهم، فسأله الفريسيون والكتبة: لماذا لا يجري تلاميذك على سنة الشيوخ، بل يتناولون الطعام بأيد نجسة؟ فقال لهم: ... ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هو الذي ينجس الإنسان، ألا تدركون أن ما يدخل الفم ينزل إلى الجوف ثم يخرج في الخلاء، وأما الذي يخرج من الفم فإنه ينبعث من القلب، وهو الذي ينجس الإنسان، فمن القلب تنبعث مقاصد السوء والقتل والزنى والفحش والسرقة وشهادة الزور والنميمة، تلك هي التي تنجس الإنسان، أما الأكل بأيد غير مغسولة فلا ينجس الإنسان (متى 15: 1-20، ومرقس 7: 1-23)، وبهذا ينسف يسوع جميع بنود الشريعة التوراتية المتعلقة بالأطعمة الطاهرة والأطعمة غير الطاهرة، وما يحل أكله وما لا يحل، وعلى حد قول إنجيل مرقس، فإن يسوع في رده على الفريسيين قد ألغى شريعة الطعام: «وفي قوله ذلك، جعل الأطعمة كلها طاهرة» (مرقس 7: 19).
وفي رواية لوقا للحادثة نفسها، نجد غضب يسوع وقد استعر على الفريسيين فخاطبهم قائلا: «ألا أيها الفريسيون، تطهرون ظاهر الكوب والصحفة، وباطنكم ممتلئ نهبا وفسقا. أيها الجهال، أليس الذي صنع الظاهر قد صنع الباطن أيضا؟ فتصدقوا بما لديكم يكن كل شيء طاهرا ... الويل لكم أيها الفريسيون، تحبون صدور المجالس في المجامع وتلقي التحيات في الساحات، الويل لكم، أنتم أشبه بالقبول المجهولة، يسير عليها الناس وهم لا يعلمون، فقال له أحد علماء الشريعة (الناموسيين): يا معلم بقولك هذا تشتمنا نحن أيضا. فقال يسوع: الويل لكم أنتم أيضا يا علماء الشريعة، تحملون الناس أحمالا باهظة، وأنتم لا تمسون هذه الأحمال بإحدى أصابعكم» (لوقا 11: 37-46)؛ لذلك فقد أراح يسوع الناس من أحمال الشريعة التي لا يطيقها الإنسان، وقال لهم: «تعالوا إلي جميعا أيها المرهقون والمثقلون فإني أريحكم، احملوا نيري وتتلمذوا لي، أنا الوديع المتواضع القلب، تجدوا الراحة في نفوسكم؛ لأن نيري لطيف وحملي خفيف» (متى: 11: 28-30)، اعتمادا على قول يسوع هذا، تحدث بولس الرسول أكثر من مرة عن الحرية التي فتح بابها يسوع، «فاثبتوا إذا في الحرية التي حررنا المسيح بها ولا ترتبكوا أيضا بنير العبودية، ها أنا بولس أقول لكم إنه إن اختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئا ... لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرلة، بل الإيمان العامل بالمحبة» (غلاطية 5: 1-6).
অজানা পৃষ্ঠা