মসিহের অপর মুখ: ইহুদি ধর্মের প্রতি যিশুর মনোভাব - একটি গনোস্টিসিজম পরিচিতি
الوجه الآخر للمسيح: موقف يسوع من اليهودية – مقدمة في الغنوصية
জনগুলি
38
كما أفادت الغنوصية المسيحية من الكتابات الهرمزية (Corpus Hermeticum) ، وهي عبارة عن ثلاث عشرة رسالة منسوبة إلى هرمز المثلث العظمة، كانت متداولة في الإسكندرية موطنها الرئيسي، وفي الحلقات الإيزوتيرية في العالم الهيلينستي خلال القرن الأول الميلادي، فقد كانت هذه الرسائل مصدرا للأفكار الغنوصية التي تدور حول ثنوية الروح والجسد، والنظر إلى الجسد باعتباره ممثلا للظلام والمادة والموت، وإلى الروح باعتبارها ممثلة للنور والحقيقة الأبدية، نقرأ في (رسالة بيوماندريس) ما يلي: «إن من عرف نفسه حصل على الخير الأسمى، أما من أضلته الرغبات وحب الجسد، فسوف يتيه في ظلمات عالم الحواس ويذوق الموت ... إن الله أب للجميع، وهو النور والحياة ومصدر الإنسانية، فإذا عرفت أنك مجبول من النور والحياة، سوف تعود إلى النور والحياة ... على الإنسان الروحاني أن يعرف نفسه.»
39
وقد قالت بعض الشيع اليهودية التي تبنت من الكتاب المقدس موقفا تأويليا، بوجود إله آخر إلى جانب الإله التوراتي يدعى يوئيل، ويجلس على عرش قرب عرش يهوه، ويلعب دور الممثل أو الوكيل، وهو الذي تشير إليه أسفار التوراة بلقب ملاك الرب، وقالوا بأن كل الصور التشخيصية ليهوه في التوراة يجب أن تعزى إلى هذا الإله الوكيل، وعلى الرغم من أن الفيلسوف الأفلاطوني فيلو الإسكندري (وهو يهودي حاول التوفيق بين اليهودية والأفلاطونية) قد وجه نقدا لاذعا لمثل هذه الأفكار، فإنه طور أفكارا ليست بعيدة عنها تماما، عندما قال بأن اللوغس (= الكلمة، العقل) هو وسيط الخلق ودعاه بالإله الثاني، وبالملاك، وبالرب، وبالاسم.
40
وليس من المستبعد أن تكون إحدى هذه الشيع قد طورت في الإسكندرية مفهوم «الإله الوكيل» إلى نتيجته المنطقية بأن عزت إليه مهمة خلق العالم، وتصورت وجود إله خفي أعلى يسمو فوق ثنائيات الكون، ولكننا لا نملك بالفعل دليلا على أن مثل هذه الخطوة قد حصلت فعلا داخل الفكر اليهودي، وإذا كانت مثل هذه الأفكار قد توضحت فعلا، فإنها لم تجد سبيلا إلى التعبير الكامل عن نفسها إلا عندما تحول أصحابها إلى المسيحية الغنوصية التي وجدوا فيها موئلا وملاذا من سطوة الشريعة التوراتية، التي لم تعد مقبولة في ثقافة عالمية منفتحة مثل ثقافة مدينة الإسكندرية خلال العصر الهيلينستي.
أخيرا، ينبغي ألا ننسى الأثر الذي تركته أفكار سمعان ماجوس، السامري، على السميحية الغنوصية الناشئة، وسوف نفرد لأفكار سمعان هذا حيزا في الفقرة المقبلة التي نعرض فيها لأهم المدارس الغنوصية. (5) في المدارس الغنوصية
فيما عدا الغنوصية المانوية، التي تحولت على يد معلمها ماني إلى ديانة مؤسساتية خلال أواسط القرن الثالث الميلادي، فإن الفكر الغنوصي لم يطور أيديولوجيا دينية موحدة ومنظمة، وبقيت الفرق الغنوصية أشبه بالطرق الصوفية الإسلامية، التي يتبع كل منها معلما روحيا له نهجه الخاص وفكره المتميز، مع اشتراكها جميعا بعدد من الأفكار العامة التي ميزتها عن غيرها من التيارات الدينية والفلسفية، التي كانت تتمازج وتتلاقح خلال فترة تعد من أخصب فترات التاريخ الروحي والثقافي للمنطقة المشرقية، ولسوف أقدم فيما يلي عرضا لأفكار بعض من أهم المعلمين الغنوصيين.
مرقيون
ولد مرقيون في منطقة بونتوس على البحر الأسود، في أواخر القرن الأول الميلادي، وانتمى في مطلع شبابه إلى الكنيسة القويمة، ولكنه سرعان ما أخذ بصياغة عقيدته الخاصة المتلونة بالغنوصية، والتي تسببت أخيرا في حرمانه من الكنيسة عام 144م. ينطلق مرقيون في تفكيره من مبدأ الفصل التام بين العهد الجديد والعهد القديم، وكان معارضا للطريقة المسيحية في تأويل العهد القديم لجعله متلائما مع العقيدة المسيحية، فإله العهد القديم بالنسبة إليه ليس الأب السماوي الذي بشر به يسوع، بل هو الديميرج الذي صنع العالم المادي والناقص، وصنع الإنسان أيضا وفرض عليه الشريعة التي كانت بمثابة لعنة، على حد تعبير بولس الرسول (غلاطية 3: 13)، هذا الإله الحقود والمنتقم، الذي يقول مرقيون إنه يعرفه حق المعرفة، لا يستحق بالفعل الطاعة والعبادة التي يطلبها، وهو ليس أبا يسوع كما يعتقد المسيحيون القويمون، أما الأب السماوي الذي يدعوه مرقيون بالإله المتعالي، والإله المجهول، فليس له علاقات بمجريات الأحداث في العالم لأنه لم يكن صانعه، وهو لم يتدخل إلا بأن أرسل ابنه يسوع المسيح، الذي هبط من السماء إلى هذا العالم السقيم والتافه، وصلب من أجل الإنسان الذي أحبه وأراد الخلاص، اعتمد مرقيون إنجيلا خاصا به ضم إنجيل لوقا فقط بعد تشذيبه من قبله، فقد حذف منه قصة ميلاد يسوع وسلسلة النسب التي تربطه بالملك داود، كما ضم إلى الإنجيل عشر رسائل لبولس الرسول، وبذلك كان مرقيون أول من وضع كتالوجا معتمدا للعهد الجديد.
অজানা পৃষ্ঠা