نفضت يدي منك لأنك طغيت وتمردت، ونسيت ما قضينا من الأسمار في الليالي السود والبيض، حين كان أهلك الأكرمون لا يعرفون السبيل إلى قلبك المتمرد إلا بشفاعة الدكتور زكي مبارك أشرف صديق عرفه أهلك فأحبوه، واطمأنت إلى مروءته تلك السيدة النبيلة وذلك السيد النبيل، وأنت تعرف من أعني.
وفي خطابك عبارات لا يقولها إلا رجل في مثل كرمك ونبلك، فاسمح لي أن أسجل بطريقة علنية أن روحي كان له تأثير قوي في الفن القهار الذي تذيعه أنامل الفنان مدحت عاصم، فليس من القليل أن يكون لروحي فضل على فنان مثلك، وإني لأعرف أنني أدخلت البهجة والأريحية على العصر الذي ظهرت فيه، ولكنني لن أجد من يذكر فضلي غير آحاد، وأنت أولئك الآحاد.
فهل أستطيع أن أطمئن إلى أنك لا تبدأ ألحانك بمحطة الإذاعة قبيل منتصف الليل إلا لأن سهراتنا الوجدانية كانت لا تبتدئ إلا قبيل منتصف الليل؟
هل أستطيع أن أطمئن إلى أني أخطر ببالك حين تمزج دموعك بألحانك؟
هل أستطيع أن أطمئن إلى أني كنت مصدر الوحي لأكثر ما تذيع من الألحان؟
هل أستطيع أن أطمئن إلى أننا سنسمر مرة واحدة بعد الألف في ذلك المنزل الجميل؟
مدحت، أفي الحق أنك رجعت إلى منزل الأهل؟ أفي الحق أنك شبعت من الشطط والجموح ورجعت إلى ذلك المنزل الجميل الذي كانت تظلنا ظلماؤه في غفوات الليل؟
إنك تذكر في خطابك أنك رجعت إلى تلك الحديقة، فهل هذا صحيح؟
وهل تذكر - يا جاحد - تلك الحديقة؟
هل تذكر كيف كنت أرجوك أن تطفئ الأنوار لنتمتع بظلام الليل؟
অজানা পৃষ্ঠা