لم يكن في مذاهبي الأدبية ما يبعث على خلق الأنصار والأصدقاء فقد قضيت نحو عشرين سنة وأنا أحمل راية النضال، فلم يبق رجل معروف إلا وبيني وبينه أوتار وحقود، مع استثناء بعض المتفضلين بإقامة هذا الاحتفال.
فكيف اتفق أيها السادة أن تقام لي حفلات التكريم في القاهرة والإسكندرية وباريس وبغداد، وأن ألقي الكرامة في كل مكان، بالرغم مما اشتهرت به من رعونة القلم وشراسة اللسان؟
لهذه الظاهرة النفسية تأويل، فالناس يعرفون أني في جميع الأحوال جندي من جنود الأدب، وخادم من خدام العروبة، وحارس من حراس لغة القرآن.
فهم حين يسمعون اسم زكي مبارك لا يتصورون ذلك الشخص الجافي الذي لا يفرق بين العدو والصديق، ولا يعرف كيف يلبس السدارة أو كيف يلبس الطربوش، ويحمل القبعة على نحو ما كان يحمل العمامة، ولا يدرك الفرق بين الملابس العادية والملابس الرسمية، وإنما يذكرون حين يثار اسم زكي مبارك أن لهم كنوزا من الأدب الرفيع هو من حراسها الأمناء، وأن لهم طلائع من الآمال الكبار هو من دعاتها الأوفياء ، وأن لهم تاريخا مجيدا هو أسيره ومجنون ليلاه.
أيها السادة
لقد لقيني أحد الأدباء في جريدة البلاد منذ أيام وقال: إن كثيرا من أهل بغداد يقولون إن في شخصية زكي مبارك شيئا يوجب الحب، فهل لك أن تدلنا على ذلك الشيء؟
فأجبت: اسألوا شاعركم العباس بن الأحنف الذي يقول:
لو أن القلوب تجازي القلوب
لما كان يجفو حبيب حبيبا
فأنا أحبكم يا أهل بغداد، وليس من المستغرب أن تحبوني من حيث لا تعلمون سبب الحب.
অজানা পৃষ্ঠা