أيها السادة
اقترح معالي الرئيس الأستاذ محمد رضا الشبيبي أن ألقي محاضرة عن المذاهب الأدبية في مصر، وهو موضوعة شائك حملتني وعورته على أن أقف موقف الواصف، ابتغاء السلامة من الشطط والاعتساف.
وأبدأ بشرح الغرض من كلمة «الأدب المصري» فأصرح لكم أنها تؤدي المعنى الذي تؤديه كلمة «الأدب الأندلسي» مثلا، أعني: أنها تدل على الأدب العربي الذي ينشئه كتاب مصريون، والمعنى الذي تؤديه كلمة «الأدب البلجيكي» أي الأدب الذي ينشئه البلجيكيون، وهم يكتبون وينظمون باللغة الفرنسية، وكذلك يقال: «الأدب الأمريكي» وهو أدب ينشئه الأمريكيون باللغة الإنجليزية، فليس يصح لأحد أن يستوحش من كلمة «الأدب المصري» لأن المصريين يكتبون باللغة العربية في جميع الموضوعات، حتى الشؤون الخاصة بالبيئة المصرية.
فإن سمعتم أن كلية الآداب عندنا تفكر في إنشاء كرسي للأدب المصري فليس معنى ذلك أنها تريد أن تتناسى الأدب العربي، وإنما هو كرسي لدرس الأدب الذي جادت به القرائح المصرية باللغة العربية ، وأنتم تعلمون أن للشعراء والكتاب والمؤلفين الذين نبغوا في مصر مكانة في الأدب العربي، وهم خليقون بأن يظفروا باهتمام خاص من الجامعة المصرية.
وأعود إلى صميم الموضوع فأقول: إن هناك فرقا بين الأدب والمذاهب الأدبية.
وإنما احتجت إلى النص على هذا الفرق لأني غير مطمئن إلى وجود المذاهب الأدبية في مصر، ففي مصر أدب ضخم يتمثل فيما تصدر من المؤلفات، وقد حدثني السيد عبد العزيز الحلبي أحد كبار الناشرين أن المطابع المصرية تخرج في كل يوم نحو اثني عشر كتابا باللغة العربية، والأمة التي تخرج في كل سنة أكثر من أربعة آلاف كتاب لا يمكن اتهامها بالضعف في حياتها الأدبية واللغوية.
فالأدب في مصر قوي جدا، ولكن الذي أرتاب فيه هو وجود المذاهب الأدبية، وإليكم البيان.
قامت مناظرة في الجامعة المصرية بين معالي الدكتور محمد حسين هيكل باشا، والأستاذ خليل مطران، وكان موضوع المناظرة:
هل يكفي الأدب العربي لتكوين الأديب؟
وكان رأي الأستاذ مطران أنه يكفي، وكان رأي الدكتور هيكل أنه لا يكفي.
অজানা পৃষ্ঠা