ওয়াহি বাগদাদ

জাকি মুবারক d. 1371 AH
192

ওয়াহি বাগদাদ

وحي بغداد

জনগুলি

هل فيهم من يحفظ ديوان المتنبي كما أحفظ ديوان المتنبي؟

إن سجلات كلية الآداب بالجامعة المصرية تشهد بأنني كنت أول من دعا إلى الاحتفال بمرور ألف سنة على وفاة المتنبي، ولي على ذلك شهود منهم الشيخ السكندري والأستاذ عباس محمود والدكتور منصور فهمي.

وما الذي يضر أهل العراق من أن أهتم بشاعر لا يعرف العراقيون موضع قبره على التحقيق؟ أليس من العجائب أن يعرف العراقيون قبر معروف الكرخي، ويجهلوا قبر الشريف الرضي؟

إن هذا هو الشاهد على أن العوام أحفظ للجميل من الخواص! إن كان خصومي في بغداد دهشوا من أن أتعصب لشاعر رضي عنه ناس وغضب عليه ناس، فليذكروا أنني كنت كذلك طول حياتي فوضعت بالنقد قوما ورفعت آخرين، وفقا للحق لا طوعا للأهواء، وأنا والله راض بأن يغضب علي أهل بغداد، فقد غضبوا على أبي طالب المكي فمنحوه الخلود.

أنا أحب الخصومات لأنها تذكي عزيمتي، ومن أجل هذا أنظر نظر الجزع إلى مصير خصوماتي في بغداد، فلن يكون لي في بغداد خصوم بعد ظهور هذا الكتاب، وإنه لقادر على أن يفجر العطف في القلوب المنحوتة من الجلاميد، سيذكر أدباء بغداد أنني أحييت شاعرا هو من ثروة العروبة وثروة العراق، سيذكر أدباء بغداد أنني وفيت لمدينتهم السحرية حين اهتممت بشاعر كان أصدق من عرف النعيم والبؤس فوق ثرى بغداد. •••

وكتابي هذا تطبيق لما شرعت من قواعد النقد الأدبي، تلك القواعد التي أذعتها في كتاب (الموازنة بين الشعراء) وهو من أجل هذا لون جديد في اللغة العربية، وسيكون له تأثير شديد في توجيه الدراسات الأدبية، وقد يصلح ما أفسد الزمان من عقول الباحثين.

وبيان ذلك أني لم أقف من الشاعر الذي أدرسه موقف الأستاذ من التلميذ كما يفعل المتحذلقون، وإنما وقفت منه موقف الصديق من الصديق، والتشابه بيني وبين الشريف الرضي عظيم جدا، ولو خرج من قبره لعانقني معانقة الشقيق للشقيق، فقد عانى في حياته ما عانيت في حياتي: كافح في سبيل المجد ما كافح وجهله قومه وزمانه، وكافحت في سبيل المجد ما كافحت وجهلني قومي وزماني.

وهذا الترفق في معاملة الشريف ليس نزوة شخصية، وإنما هو وثبة علمية، فما كان يمكن أن أكون وفيا للبحث إلا إن سايرت الشاعر الذي أعرض عقله وروحه على تلاميذي، وهذه هي المزية التي أتفرد بها بين أساتذة الأدب العربي.

سايرت الشريف مسايرة الصديق للصديق: فإن آمن آمنت، وإن كفر كفرت، إن جد الشريف جددت، وإن لعب لعبت، إن عقل الشريف عقلت، وإن جن جننت، إن قال الشريف إن غاية الرجل العظيم هي الحرب، قلت: صدقت، وإن قال: إن الحياة هي الحب، قلت : والحب الحياة!

ولكني مع هذا عاملته معاملة الصديق الأمين فنبهته إلى عيوبه بتلطف وترفق، نبهته تنبيها دقيقا جدا لا يفطن إليه إلا الأذكياء، وفي بني آدم أذكياء، نبهته إلى عيوبه أكثر من ستين مرة، وما أظنه يحقد علي؛ لأن الصديق الذي في مثل حالي تغفر له جميع الذنوب.

অজানা পৃষ্ঠা