وإذا رأيت من الهلال نموه
أيقنت أن سيصير بدرا كاملا
ولا يبعد أن يأتي يوم ينبغ فيه من تفتخر بهم لغتنا الشريفة وبلادنا المحبوبة، وليس هذا على ذكاء الشرقيين وحسن استعدادهم ببعيد.
على أننا ننصح الذين يتصدون لوضع الروايات والقصص أو تعريب شيء منها إلى لغتنا العربية أن يلاحظوا أمرا مهما، وهو أن يجعلوا مدار بحثهم ومطمح أنظارهم إصلاح العادات الأهلية وبث روح الغيرة الوطنية والمبادئ الشريفة في نفوس القراء، وإلا فلا خير في هذه الروايات ولا فائدة لها على الإطلاق.
ولا يخفى أن بين عادات الغربيين واصطلاحاتهم ما يخالف مشرب الشرقيين ويفسد أخلاقهم، وليس وراءه إلا الخارة والغبن، فليس من الصواب تعريب هذه الروايات ونشرها بين قراء العربية، ولدينا من العادات القبيحة والاصطلاحات المبتذلة ما هو أجدر بالانتقاد وأحرى بالتنديد، وكثير من الروايات الإفرنجية قد تفيد الذين وضعت لهم من الإفرنج، ولكنها لا تفيد الشرقيين، بل تضرهم؛ فعلى الكاتب الذي يقصد الفائدة وينشد الحقيقة ويريد تهذيب الأخلاق أن يلاحظ هذه المسألة بعين الدقة والانتباه، وهذا ما حدا بنا إلى انتقاء هذه الرواية «الوحش الضاري» وتعريبها دون غيرها من الروايات الأخرى؛ لأننا رأينا فيها من الانتقادات السديدة والآراء المفيدة ما تحتاج إليه بلادنا الشرقية ويطابق حالتنا الحاضرة وظروفنا الخصوصية ؛ لأن هذه الرواية كما يتضح للقارئ الكريم من مطالعتها ترمي إلى غاية نبيلة وغرض شريف، وهي إظهار الأضرار العظيمة والأخطار الجسيمة التي تنجم عن الزواج القسري، وهي عادة مضرة تفشت في الشرق، وكانت سببا في خراب البيوت العامرة وسقوط العائلات الكثيرة في وهدة الشقاء والبلاء.
فعلى أبناء الفتيان والفتيات أن يمعنوا نظرهم في هذا الأمر الخطير ولا يضحوا مستقبل أولادهم المساكين على مذبح فائدتهم الشخصية ومصلحتهم الذاتية، وكفى بما جاء في هذه الرواية الصغيرة عبرة وتذكرة لقوم يعقلون.
وإني أسأل الله أن يجعل هذه الخدمة الحقيرة مقبولة لدى أبناء وطني وأهل جلدتي، ويلهمنا جميعا طريق السداد والرشاد، إنه السميع المجيب.
تقريظ الرواية
اطلع بعض أصدقائنا الأفاضل من الشعراء الأدباء على بعض ملازم هذه الرواية عند مباشرة طبعها، فأبت مكارم أخلاقهم وحسن آدابهم إلا التكرم علينا بتقريظها ولم يلبثو أن بعثوا إلينا بقصائد التقريظ الجميلة فلم نر بدا من نشرها؛ لأنها لا تخلو من الفكاهة والفائدة، وذلك اعترافا بفضلهم وقياما بواجب الشكر لحضراتهم. قال حضرة الشاعر اللبيب والكاتب الأديب أحمد أفندي محرم:
هات الحديث عن المكارم هات
অজানা পৃষ্ঠা